اللهم ارحمنا اذا صرنا الى ماصاروا اليه

اللهم ارحمنا اذا صرنا الى ماصاروا اليه

المقدمة:

الحياة الدنيا دار فانية وزائلة، وكل ما فيها إلى زوال، فالمال والبنون والجاه والسلطان، كلها أمور زائلة لا تبقى مع الإنسان بعد موته، ولا تنفعه أمام الله يوم القيامة، وقد عبر القرآن الكريم عن هذه الحقيقة بقوله: “وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ” (العنكبوت: 64).

العبرة في قصص الأمم السابقة:

تتضمن قصص الأمم السابقة التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الكثير من العبر والدروس المهمة للمؤمنين، والتي من شأنها أن تساعدهم على فهم سنة الله في خلقه، وأنفسهم، والكون من حولهم، وأن يتربوا على منهج الحق والصواب، وأن يتجنبوا أسباب الهلاك والدمار، ومن أهم هذه العبر:

إن الله تعالى عادل في حكمه على عباده، ولا يظلم أحدًا منهم، فمن عمل صالحًا في الدنيا فله جزاء ذلك في الآخرة، ومن عمل سيئًا في الدنيا فله جزاء ذلك أيضًا في الآخرة.

إن الله تعالى قادر على أن يبدّل حال العباد من عزٍّ إلى ذلٍ، ومن قوة إلى ضعف، ومن غنى إلى فقر، ومن صحة إلى مرض، ومن أمن إلى خوف، وذلك في لحظة واحدة، فكما أنه قادر على إحياء الموتى قادر على أن يبدل الأحياء أمواتًا.

إن الله تعالى يمهل ولا يهمل، فهو يمهل العصاة حتى يتوبوا ويرجعوا إليه، فإذا لم يتوبوا ويرجعوا إليه عاقبهم على ذنوبهم، وهذه المهلة من الله تعالى رحمة منه بعباده، ودعوة لهم إلى التوبة والرجوع إليه.

العمل الصالح هو السبيل إلى النجاة:

إن العمل الصالح هو السبيل الوحيد للنجاة والفلاح في الدنيا والآخرة، وهو الذي يرفع العبد عند الله تعالى درجات يوم القيامة، وقد حثنا الله تعالى في كتابه الكريم على العمل الصالح بقوله: “وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى” (النجم: 39)، وقال تعالى: “وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” (النحل: 97).

التوبة النصوح هي السبيل إلى المغفرة:

التوبة النصوح هي السبيل الوحيد إلى مغفرة الله تعالى للذنوب، وهي تقتضي الندم على الذنب، والإقلاع عنه، والعزم على عدم العودة إليه، ورد المظالم إلى أهلها إن كان الذنب متعلقًا بمال أو حق غيري، وقد حثنا الله تعالى في كتابه الكريم على التوبة بقوله: “يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” (الزمر: 53)، وقال تعالى: “وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (النور: 31).

الصبر على البلاء من أسباب رفع الدرجات:

الصبر على البلاء من أسباب رفع الدرجات عند الله تعالى، وهو من صفات المؤمنين الذين يرضون بقضاء الله وقدره، ولا يتذمرون منه، وقد حثنا الله تعالى في كتابه الكريم على الصبر بقوله: “وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ” (الأنفال: 46)، وقال تعالى: “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ” (البقرة: 155).

الاستعداد للموت خير زاد للمؤمن:

الاستعداد للموت خير زاد للمؤمن، وهو من أهم الأمور التي يجب على كل إنسان أن يهتم بها، وقد حثنا الله تعالى في كتابه الكريم على الاستعداد للموت بقوله: “وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى” (البقرة: 197)، وقال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ” (الحشر: 18).

الخاتمة:

وختامًا، فإن الحياة الدنيا دار فانية وزائلة، وكل ما فيها إلى زوال، فالمال والبنون والجاه والسلطان، كلها أمور زائلة لا تبقى مع الإنسان بعد موته، ولا تنفعه أمام الله يوم القيامة، وإنما الذي ينفع الإنسان هو العمل الصالح والتوبة النصوح والصبر على البلاء والاستعداد للموت. نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الخاتمة، وأن يغفر لنا ذنوبنا، وأن يدخلنا جناته آمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *