اللهم اشفيني

اللهم اشفيني

مقدمة

اللهم اشفيني، تلك الكلمات الرائعة التي نرددها دائمًا عند مرضنا أو عند مرض شخص عزيز علينا، وهي من الأدعية المأثورة التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي يكثر ترديدها وطلبها من المريض بسبب الحاجة الملحة لها ولبروز أثرها في شفاء المريض، وذلك لأن الدعاء هو العبادة كما أخبرنا المصطفى، وهو أقرب ما يكون العبد من ربه، وأفضل ما يقدمه العبد هو دعائه لربه طمعًا في رحمته الواسعة.

الحكمة من إصابة المؤمن بالمرض

– إن إصابة المؤمن بالمرض – وإن بدت له ظاهرًا سيئة – إلا أنها تحمل في باطنها الخير الكثير، فقد رفع الله -تعالى- منزلة المؤمن بسببها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه”، كما أن إصابة المؤمن بالمرض تعد كفارة له لذنوبه، وترفع من درجته في الجنة، وتزيد في حسناته، وتشفع له يوم القيامة، وقد نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن الله -تعالى- قال: إذا ابتليت عبدي المؤمن فصبر؛ رفعت له في الجنة مثل ما كنت أرفع للعبد الصالح من أهل الجنة، وأبدلته بدنياه دارًا خيرًا من داره التي خرج منها، وأبدلته بأهله وولده خيرًا من أهله وولده الذين خرج منهم”.

– يمتحن الله -سبحانه- عباده المؤمنين بالمرض ليرى صبرهم على بلائه، فقد قال الله -عز وجل-: “وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ”، فالصبر على المرض هو نوع من أنواع الجهاد الذي يكون فيه المؤمن ثابتًا محتسبًا، راضيًا بما قسم الله له، طامعًا في مثوبة الله -تعالى- له، مجاهدًا نفسه على الامتثال لأوامر الله -سبحانه- واجتناب نواهيه، وكلما زاد جهاد المؤمن وامتحانه زاد أجر الله -عز وجل- له، قال الله -تعالى-: “إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ”.

– إن من الحكمة أن يصاب المؤمن بالمرض ليكون سببًا في خلوص توبته، فقد جعل الله -سبحانه- المرض سببًا في مضاعفة الحسنات، وتكفير السيئات، ومحو الذنوب، ولأجل ذلك كانت دعوة المريض مستجابة عند الله، فقد جعل المرض طريقًا لهدايته وإصلاحه، قال الله -تعالى-: “وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ”، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: “ما من عبد مسلم يمرض مرضًا فيسأل الله العافية إلا أعطاه الله إياها، أو صرف السوء عنه، أو كتب له به شهادة”.

شروط استجابة الدعاء

– الإخلاص لله -تعالى- وقصد وجهه وحده في الدعاء، قال الله -تعالى-: “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ”.

– اليقين باستجابة الله -سبحانه- لدعاء عباده، قال الله -عز وجل-: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ”.

– حضور القلب وقت الدعاء، وعدم التشتت فيه أو الغفلة عنه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الدعاء هو العبادة، وإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء”، ولأن الدعاء عبادة فإن الشروط التي يجب أن تتحقق فيه هي ذاتها الشروط التي يجب أن تتحقق في العبادات الأخرى، ومنها حضور القلب أثناء الدعاء.

– التضرع إلى الله -سبحانه- والخشوع له، قال الله -عز وجل-: “وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ”.

– الإلحاح في الدعاء وعدم الاستعجال في الإجابة، قال الله -تعالى-: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”.

آداب الدعاء

– اختيار الوقت المناسب للدعاء، كوقت السحر ووقت الدعاء بين الأذان والإقامة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد”، كما أن دعوة المريض مستجابة عند الله -عز وجل-، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المريض”.

– استقبال القبلة عند الدعاء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا توجه أحدكم إلى القبلة، فليسأل الله عز وجل حاجته، فإنها قبلة أهل السماء وأهل الأرض”.

– رفع اليدين عند الدعاء، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه عند الدعاء حتى يرى بياض إبطيه، وقد قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: “رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو وهو رافع يديه حتى إني لأرى بياض إبطيه”.

– الخشوع والتضرع والحضور في القلب، قال الله -عز وجل-: “وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ”.

– الدعاء بأسماء الله الحسنى وصفاته العظيمة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة”.

أهم الرسائل التي يحملها دعاء اللهم اشفيني

1. دعاء اللهم اشفيني يحمل رسالة التوكل على الله -سبحانه- والثقة به في الشفاء، وأن لا شافي إلا هو -جل وعلا-.

2. دعاء اللهم اشفيني يحمل رسالة التزامن بين اللجوء إلى الله -عز وجل- في الشفاء واللجوء إلى الطب، حيث أن المريض يلجأ إلى الأطباء من أجل العلاج، لكنه يعلم أن الشافي هو الله -سبحانه- وحده، فهو يجمع بين العلاج الدنيوي والعلاج الإلهي.

3. يحمل هذا الدعاء رسالة إخلاص العبد لله -عز وجل- في الدعاء، فالمريض يتجه بربه متضرعًا إليه، واثقًا بقدرته على شفائه، وملتزمًا بأوامره واجتناب نواهيه، فهو يرجو من الله -سبحانه- الشفاء والإجابة.

أسباب استجابة دعاء اللهم اشفيني

1. دعاء اللهم اشفيني هو من الأدعية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يعني أنه دعاء مستجاب، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المريض”.

2. دعاء اللهم اشفيني هو دعاء تضرع وخشوع، فالمريض يكون في حالة ضعف شديد، وهذا يجعله يلجأ إلى الله -سبحانه- بصدق وإ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *