إن كنت رأيك متعارضًا مع الطرف الآخر، فاستخدم طريقة مهذبة وعقلانية لتوضّح رأيك ولا تهاجمه شخصيًا. لخّص ما قاله محدّثك بجملة بسيطة لتؤكّد لنفسك أنّك فهمت ما قاله، ولتبيّن له أنّك تنصت إليه جيّدًا.

يا عبد إذا آثرتك على الحاجة فإن لم تر زاجري فهو إذني في مسئلتي. يا عبد أنا من وراء كفايتك فقل حسبي الله ونعم الوكيل. يا عبد إذا سألت فقل أسألك ما ترضاه وأسألك زينة بين يديك وحلية حسنة في التعرض لفضلك وعيناً ناظرة إلى مرادك ومواقع غيرتك. يا عبد إذا أسفرت لك انقطع السبب وإذا رأيتني انقطع النسب. يا عبد أدللت وأظهرت لك حبي لك إذ كلمتك بكلام أمرتك أن تكلمني به. يا عبد من مقت نفسه غض عما لها رهبة وعما عليها رغبة.
يا عبد هذا ما عهد ربك إلى الضعيف أتخذ عهدًا بالخلوة أنصرك وإلا فلا. يا عبد ما كنت تعلم علم همك المحزون علي هو تحت كاف التشبيه كالشعاع تحت السحاب. يا عبد همك المحزون علي ” بسم الله الرحمن الرحيم كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء صدق الله العظيم. يا عبد طلبك مني أن أعلمك ما جهلت كطلبك أن أجهلك ما علمت فلا تطلب مني أكفك البتة.
- يا عبد إني أنا الله جعلت في كل شيء عجزًا وجعلت في كل عجز فقرًا.
- وقد كانت تلك لحظة اليقظة من الكابوس استقرت السماء واستقر الشاطئ وسمعت طقطقة مكنة الماء ، وأحسست ببرودة الماء في جسمي .
- حيث تبذل جهدًا حقيقيًا ليس فقط لسماع ما يقوله الطرف الآخر من كلمات وإنّما لاستيعاب الرسالة الكاملة التي يرغب هذا الطرف بإيصالها إليك.
- ولكن من يدخل من الخارج سوى مزيد من الظلام .
- وبينما نحن نسمر جاء مصطفى يكلم محجوباً في شأن من شؤون المشروع .
كيف تتعلم الصبر والصمت
الناس الذين ليس لهم أصل ، هم الذين تبوأوا أعلى المراتب أيام الإنكليز ) . يا عبد قف بين يدي في الدنيا وحدك أسكنك في قبرك وحدك وأخرجك منه إلي وحدك وتقف بين يدي في القيامة وحدك، وإذا كنت وحدك لم تر إلا وجهي وإذا لم تر إلا وجهي فلا حساب ولا كتاب وإذا لا حساب ولا كتاب فلا روع وإذا لا روع فأنت من الشفعاء. أوقدت المصباح فتباعدت الظلال وتباعدت الحيطان وارتفع السقف . أوقدت والمصباح وأغلقت النوافذ . يجب أن تظل الرائحة حبيسة هنا . رائحة الطوب والخشب والند الحريق والصندل ..
وجاء أحد بمذياعه الترانزستور ، وضعناه وسط الدائرة ، وصفقنا ورقصنا على غنائيه . وخطرت لأحد فكرة ، فصف السواقون سياراتهم على هيئة دائرة وسطوا أضوائها على حلقة الرقص ، فاشتعلت شعلة من الضوء لا أحسب تلك البقعة رأت مثلها من قبل . زغرد الرجال كما تزغرد النساء وانطلقت أبواق السيارات جميعاً في آن واحد .
إنني ، بشكل أو بآخر ، أحب حسنة بنت محمود ، أرملة مصطفى سعيد . أنا ، مثله ومثل ود الريس وملايين آخرين ، لست معصوماً من جرثومة العدوى التي يتنزى بها جسم الكون . وتكون النهاية بعد ذلك في قرية مغمورة الذكر على النيل ، ولا يستطيع المرء أن يجزم هل كانت اعتباطاً أو أنه أسدل الستار بمحض إرادته . إنما أنا لم أجيء إلى هنا لأفكر في مصطفى سعيد ، فها هي ذي بيوت القرية المتلاصقة من الطين والطوب الأحمر الأخضر تشرئب بأعناقها أمامنا ، وحميرنا تحث السير لأنها شمت بخياشيمها رائحة البرسيم والعلف والماء . هذه البيوت على حافة الصحراء ، كأن قوماً في عهد قديم أرادوا أن يستقروا ثم نفضوا أيديهم ورحلوا على عجل .
- لن أستطيع أن أحفظ توازني مدة طويلة .
- يا عبد انصرف أهل الورد حين بلغوه وانصرف أهل الجزء من القرآن حين درسوه ولم ينصرف أهلي فكيف ينصرفون.
- يا عبد أنا المنان ما مني لأجل شكر الشاكرين، وأنا الوهاب فلا يسلب موهبتي جحود الجاحدين.
- ومع كل هبة ريح يفرح أريج الليمون والبرتقال واليوسفندي .
- يا عبد غرق البلاء فيما نفى من علوم الغيبة في الرؤية.
كيف تتعلم الصبر والصمت
ولذلك أخي القارئ يمكنني أن أقول بأن رحلة الحج كلها شفاء. وهبت بنت مجذوب واقفة دفعة واحدة ، كما يهب رجل في الثلاثين ، وانتصبت بطولها ، معتدلة القامة ، لا انحناء في الظهر ولا تقوس في الكتفين . وقام بكري متحاملاً على نفسه وقام ود الريس يتكئ قليلاً على عصاه . وقام جدي من على فروة الصلاة وجلس على سريره ذي الأرجل القصيرة ، ونظرت إليهم ، ثلاثة شيوخ وامرأة شيخة ، ضحكوا برهة على حافة القبر . غداً يصير الحفيد أباً والأب جد ، وتستمر القافلة .
- يا عبد لا تتبع الذنب بالذنب أسلبك الغم عليه فتطمئن به فآخذك به.
- يا عبد احفظ حالك وهي أن تراني في همك لا ترى همك في همك ترى أمري وﻧﻬى حكومتين عليك.
- يا عبد الآن قد عرفت أين تراني وأريتك أين وجهي ومكاني فاخترني أرتبك على كل شيء بالغنى عنه ولا تختر غيري أغيب فأي نير يطلع عليك إذا غبت.
كيف تتعلم الصبر والصمت
تفرست في وجهه وهو ينفث الدخان ببطء ، فبدأ هادئاً قوياً . أبعدت الفكرة ، وأنا أنظر في وجهه ، أن يكون قاتلاً . إستعمال العنف يترك أثراً في الوجه لا تخطئه العين . ولكنه مضى مبتعداً بخطوات نشيطة متحفزة ، رأسه يميل قليلاً إلى اليسار . ( لكن نحن مزارعون نفكر فيما يعنينا ، إنما العلم ، مهما كان ، ضروري لرفعة الوطن ) . فجأة تذكرت وجهاً رأيته بين المستقبلين لم أعرفه .
هـي لا تطيق فقررت أن تجعله يتكلم، حاولت أن تحثه على أن يقول أي شيء.. فضلًا عما تُهَيِّئه هذه العلاقة من تربية البنين والبنات وكفالة النشء . التي لا تكون إلا في ظلِّ أمومة حانية وأبوُّةٍ كادحة . ولو أنفضح أمره أمام زوجته سيعاندها ويصر على خطاه لان الأمر الذي كان يخشاه وقع ولا يهمـــه الآن شئ آخر . ثم يتوصل الأمر لضربهــــا وهجرها ..