كيف يعبر كل برج عن اشتياقه

كيف يعبر كل برج عن اشتياقه

عجيبة هي شهادات الرب؛ فهي فريدة في كمالها الذي لا يعرف الحدود؛ عجيبة في نقاوتها، خالية من كل الأباطيل؛ عجيبة في إمكانياتها، فهي قادرة أن تسحب الإنسان إلى حضرة الله؛ عجيبة في صدقها، تقدم وعود إلهية أمينة إلى المنتهي. عجيبة هي كلمة الرب لأنها تكشف عن شخص الله وتعلن عن خطته الإلهية ونظرته إلى الإنسان واهتمامه بخلاصه الأبدي. يقول القديس باسيليوس إن وصية محبة الله وقريبنا وعدونا وصية واسعة بلا حدود، لأنها تشمل الكل، فهي تحوي مجموع كل كمالاتنا وهي الاختيار الذي يتوجها. قد أسس الله الأرض، أي الأرضيين الذين آمنوا بالسيد المسيح الإله المتأنس، أسسهم على هذا الحق، أي على نفسه الذي هو “الحق”، مبنيين عليه كما على صخرة ثابتة.

كيف يعبر كل برج عن اشتياقه

إذ أدرك المرتل إمكانية الوصية في تقديس قلبه، صار يطلب من الله بإخلاص، بكل طاقاته الداخلية ألا يحرمه من وصيته. وفي نفس الوقت كلما تمتع بخبرة الوصية في أعماقه يزداد لهيب قلبه نحو طلب الله. إنها سلسلة حب ناري فيها يمارس الشاب الطلبة الدائمة مع اكتشاف الوصية الإلهية، كل منهما تسند الأخرى. لا يكفينا أن نُدعى إلي الطريق فنناله، وإنما نصرخ إلي الله أن يبقينا فيه فتستقيم طرقنا باتحادنا مع الطريق الحق الذي وحده بلا عيب ولا انحراف. الرب هو البكر الذي يبدأ معنا، وهو الذي يرافقنا حتى ننجز رسالتنا بروح الجهاد المستمر والمثابرة بالرب. كلمة الله تُدعى “الطريق”، إذ يقدمها لنا كي نسلك فيها كما بسلّمٍ ملوكي، فنبلغ ملكوت السموات.

    كيف يعبر كل برج عن اشتياقه

  • لما كانت كلمة الرب ثابتة في السمويات، تناسب كل الأجيال وكل العصور وكل الأشخاص، يتمتع بها المؤمن في علاقة شخصية لتدخل به إلى اتساع السماء ورحبها، لذا يجد فيها عذوبة خاصة وحلاوة افضل من العسل.
  • إذ يدرك المرتل أن حياته هي مكافأة أو هبة من عند الله، يشعر بالالتزام أن يكرس هذه الحياة لحساب الله، لخدمته ونمو ملكوته.
  • إن كان العدو يقترب إلينا من خلفنا لمقاومتنا فالله أقرب إلينا، هو في داخلنا، قادر أن يسندنا، يسمع صرخاتنا الخفية ويطارد أعداءنا.
  • إذ تقيم مراحم الله ورأفاته المؤمن – وهو في وسط ضيقاته – كما من الموت فيحيا ويلهج في ناموس الرب بلذة، يعكف على دراسته ولا ينشغل بافتراءات المتكبرين، يترك الأشرار في شرهم يسكبون عليه العار والخزي.

إنه يخفي كلام الله في قلبه ذاك الذي يحذر من الخطأ؛ ليس فقط في العمل الظاهر وإنما أيضًا في الفكر الخفي. مثل هذا يجتنب ليس فقط الفسق وإنما انحراف شهوته وميلها الخفي… إن كنت تسمع فإنك تُحفظ من طرقك، وإن سقطت اصلح طرقك سريعًا. لأنه “بماذا يُقوِّم الشاب طريقه إلا بحفظه كلمة الرب؟!” . أول كل شيء كن صامتًا واسمع فلا تسقط بلسانك.].

إذ يفتح المؤمن فمه الداخلي ويتقبل عمل الروح القدس فيه يمتلئ قلبه حبًا لله فيمارس وصيته، وبممارسته الوصية أو طاعته لها يعلن عن حبه لله ويجتذب نظراته إليه. لهذا يطلب المرتل من الله أن ينعم عليه بنظرته الإلهية التي بها يتطلع إلى محبوبيه الأخصاء، ويهبهم رحمته الخاصة بالذين يحبونه. الذين سبق فدعاهم النبي أعداء يدعوهم أيضًا معلمين، لأنهم أؤتمنوا على أقوال الله قبلنا، وهي شريعته. ومن هذه الأسفار الإلهية اتخذنا نحن العلم، وفهمنا أكثر منهم، إذ قبلنا شهادات ربنا يسوع المسيح وندرسها على الدوام.

هذا المزمور هو تعبير عن العداوة المستمرة بين نسل المرأة ونسل الحية. فهناك قتال ثائر دائمًا ضد القديسين من إبليس وجنوده. ربما كان داود حين رنم هذا المزمور هاربًا من شاول أو إبشالوم والأغلب إبشالوم فهو يسمى نفسه ملكًا. ولكن هذا المزمور بشكل نبوي يحدثنا عن المسيح. (ق) اقترب إليّ يا رب، فقد اقترب الأشرار لهلاكي! كلمة الرب ثابتة سماوية، كلمة الرب تناسب كل الأجيال، كلمة الرب تناسب كل بشرٍ، كلمة الرب تناسبني شخصيًا.

    كيف يعبر كل برج عن اشتياقه

  • مهما كانت حياة المؤمن يشعر انه ضال عن تطبيق وصايا الله كما يليق، وعن التمتع بخبرة السماء.
  • هذه هي الحياة التي يشتهيها المرتل كمكافأة لارتباطه بالوصية خلال النعمة الإلهية.
  • جاء في بعض النسخ “غيرتك”، وهي تعني إنسانا غيورًا على الله لا على ذاته…
  • الذين سبق فدعاهم النبي أعداء يدعوهم أيضًا معلمين، لأنهم أؤتمنوا على أقوال الله قبلنا، وهي شريعته.
  • يحاول العدو أن يخدعني بكلام هذيان، أيضًا يغويني بالملذات، لكن المرتل يدرك أن لذته الحقيقية هي في ناموس الرب.

يرى المرتل في الأشرار أن فكرهم باطل أو ظلم وأنهم خطاة الأرض، وليسوا كالمؤمنين الحقيقيين الذين هم ليسوا من هذا العالم. فإن كانت وصية الرب ترفع القلب إلى السمويات فإن الشر يربط صاحبه بالتراب والأرض. شتان بين من يدرس كلمة الله بطريقة عقلانية بشرية جافة، وبين من يأكلها ليغتذي بها، فيجدها طعامًا مشبعًا وحلوًا، أشهي من العسل والشهد.

أن الله سيحاسب هؤلاء الرافضون له على أدق شئ من ذنوبهم الذي يكون بمقدار شعرة الرأس. قالوا هي إشارة للعادة القديمة أن يبقي الرأس مكشوفاً حتى يتم العمل المنوى القيام به. وربما تكون آية تشير لتهليل الأمم بعد المجيء الأول. وهذه الآية هي عن التسبيح الأبدي بعد المجيء الثاني في الأرض الجديدة والسماء الجديدة.

    كيف يعبر كل برج عن اشتياقه

  • يختم المرتل المزمور بالاعتراف بالضعف مع الثقة في حب الراعي الإلهي الذي يحملنا على منكبيه.
  • لم يقف الأمر عند بعدهم عن الخلاص وحرمانهم من الحياة الأبدية لكنهم يضطهدون المؤمنين ويحزنونهم بلا سبب.
  • شهادات الله عدل وبرّ قادرة أن تهبنا النقاوة وتدخل بنا إالى الحق ذاته.
  • إذن الله يحكم الكل، وبطول أناته يحتمل حتى المجرمين واللصوص والزناة، محددًا وقتًا معينًا لمجازاة كل أحدٍ.
  • لكلمة الله عذوبة خاصة، أحلى من كل فلسفات العالم ومعرفته وحكمته.

أما إذا مارسناها عن حب، فهذا الحب أبدي، وله مكافأة أبدية مخزونة لأجله. متى يحدث هذا إلا أنه بسبب أن نفسه في يدي الله، أو أن نفسه في يده يقدمها لله كي يحييها. نفسي محفوظة بين يديك تحميها وتسندها، عاملاً فيها لتتجاوب مع عمل نعمتك.

كيف يعبر كل برج عن اشتياقه

يلزمنا أن نصلي إليه ليرفع عنا برقع الحرف ويزهر لنا بهاء روحه. ماذا يعني “نعست”؟ إلا أنه قد يرد الرجاء الذي يود أن يبلغ إليه. تهب الوصية الغريب شبعًا داخليًا وسندًا في جهاده، كما تعطيه قوة على مقاومة الشر دون تخوف من الأشرار المتكبرين. تهبه روح الوداعة فيصير كسيده الحمل الوديع المبذول لأجل الآخرين وأيضًا كأسدٍ يقاوم الشر ويحطمه . يعاتبونني تارة عن أخطاء ماضية عارضة وأخرى يهينونني إذ يحسبونني كلا شيء، كمن هو بلا أدنى اعتبار.

    كيف يعبر كل برج عن اشتياقه

  • يفرح الأشرار بأذية الغير ويتهللون إلي حين، لكن فرحهم يتحول إلي مرارةٍ.
  • فإنني لست أفكر في الحياة الحالية، إذ يقول “سأحيا”، وهذا يتمشى بالتأكيد مع الحياة الحقيقية.
  • يُدعى الكتاب المقدس “شهادة (عهد) الله”، إذ يحوى شهادة عن فكر الله وأرادته، كما يحوى شهادة عن وعود الله لشعبه وتحقيقها خلال الصليب.
  • تكشف الوصية للمؤمن عن حقيقة موقفه أنه غريب على الأرض ، وتذكره بهذا التغرب حتى يطلب المواطنة في السماء، وترافقه في غربته فلا يشعر بالعزلة، وتسنده في طريقه، وترفعه إلي السماء!