نهاك عن الغواية ما نهاكا

نهاك عن الغواية ما نهاكا

نهاك عن الغواية ما نهاكا

مقدمة:

الغواية هي دعوة وإغراء المرء للانحراف عن الحق والفضيلة، والتغرير به لارتكاب المعاصي والآثام. وقد حذر الله سبحانه وتعالى عباده من اتباع الغواية والانقياد لها، ونهى عن إغواء الآخرين ودعوتهم إلى الضلال، ففي سورة المؤمنون، قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ}.

وفي سورة الأنفال، قال تعالى: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}، وفي سورة النور، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ}. وهذه الآيات وغيرها تحذر من الغواية والانحراف، وتدعو إلى اتباع الحق والفضيلة، والثبات على الصراط المستقيم.

1. أسباب الغواية:

1. ضعف الإيمان: يعد ضعف الإيمان بالله تعالى وباليوم الآخر من أهم أسباب الغواية، فالشخص الذي لا يؤمن بالله تعالى ولا باليوم الآخر يكون أكثر عرضة للانجراف وراء الغواية والانحراف، لأنه لا يخشى عقاب الله تعالى ولا يأمل في ثوابه.

2. الجهل: يعد الجهل بالدين وقيمه وتعاليمه من أهم أسباب الغواية، فالشخص الذي لا يعرف دينه ولا يفهم تعاليمه يكون أكثر عرضة للانجراف وراء الغواية والانحراف، لأنه لا يميز بين الحق والباطل ولا يعرف الصواب من الخطأ.

3. سوء الصحبة: تعد سوء الصحبة من أهم أسباب الغواية، فالصديق السوء الذي يدعو إلى المعاصي والآثام يكون له بالغ الأثر في غواية صاحبه وإضلاله، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل”.

2. مظاهر الغواية:

1. دعوة الناس إلى الكفر والشرك: من مظاهر الغواية دعوة الناس إلى الكفر والشرك بالله تعالى، وإخراجهم من عبادة الله تعالى إلى عبادة غيره، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.

2. دعوة الناس إلى الفواحش والمعاصي: من مظاهر الغواية دعوة الناس إلى الفواحش والمعاصي، وترغيبهم في ارتكابها، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مِن رِّجَالٍ وَنِسَاء فَاجْلِدُوهُمَا مِّئَةَ جَلْدَةٍ لاَّ تَأْخُذْكُمَا بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ}.

3. دعوة الناس إلى البدع والضلالات: من مظاهر الغواية دعوة الناس إلى البدع والضلالات، وإخراجهم من منهج السلف الصالح إلى منهج أهل البدعة والضلال، قال تعالى: {وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتُفَرِّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}.

3. آثار الغواية:

1. غضب الله تعالى: من آثار الغواية غضب الله تعالى على المغوي والمغوي، قال تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}.

2. حرمان المغوي والمغوي من رحمة الله تعالى: من آثار الغواية حرمان المغوي والمغوي من رحمة الله تعالى، قال تعالى: {وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَمَسَّكَ فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى مَا فَتَنْتَهُم بِهِ وَلَقِيتَ مِن دُونِهِ عَذَاباً مُهِيناً}.

3. دخول المغوي والمغوي النار: من آثار الغواية دخول المغوي والمغوي النار، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ}.

4. التحذير من الغواية:

1. حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الغواية فقال: “إن من البيان سحراً، وإن من الشعر سحراً، وإن من الكلام سحراً”، وقال: “إياكم والتلبيس فإن التلبيس من السحر”.

2. حذر الصحابة والتابعون من الغواية، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “إياكم ومجالس أهل البدع، فإن مجالستهم تزيل الإيمان كما تزيل الشمس الجليد”. وقال الحسن البصري رحمه الله: “إياكم وخصلتين: الزنا والغواية، فإن الزنا يمحق النعم، والغواية تردي في النار”.

3. حذر العلماء من الغواية، فقد قال ابن تيمية رحمه الله: “الغواية هي الإضلال عن سواء السبيل، وهي من جنس الكفر والشرك”. وقال ابن القيم رحمه الله: “الغواية هي الخروج عن الحق، والانحراف عن الصراط المستقيم”.

5. علاج الغواية:

1. التوبة النصوح: من أعظم علاج الغواية التوبة النصوح إلى الله تعالى، والتوبة النصوح هي الإقلاع عن الذنب والندم عليه والعزم على عدم العودة إليه، قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.

2. الرجوع إلى الحق: من أعظم علاج الغواية الرجوع إلى الحق بعد الانحراف عنه، قال تعالى: {وَإِنَّ فَئَةً مِّنكُمْ لَيُرِيدُونَ أَن يَضِلُّواْ وَمَا يُرِيدُونَ إِلاَّ أَن يَتَغَوَّوْاْ وَمَا يُرِيدُونَ إِلاَّ أَن يَتَغَوَّوْاْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَش

أضف تعليق