اترُكُوها فإنَّها مُنتِنة
مقدمة:
هذا المثل الشعبي العربي المشهور “اتركوها فإنها مُنتِنة” يُضرب في معرض الأدب والتهذيب، وهو يوجه المسلم إلى أن لا ينبّه الناس إلى معايبهم، ولا أن يذكر مسائل من صالحه التستر عليها؛ لأنَّ في ذلك تشهيرًا بشخص ربما تاب إلى الله بعد فعله لتلك المعصية، أو لأنَّ ذاك الشخص قد ساءت نيته بفعل هذه المعصية في الأصل، ثم تاب منها توبة صادقة من قلبه، فإذا ذُكِّر بها فإنَّها قد تستحيل في نفسه إلى طيب بسبب ما ألقي عليها من ماء الطهر والندم، وربما عاد إليها فيكون قد أساء بتركها، وأساء بنبشها.
الأصل في المثل:
يرجع أصل هذا المثل الشعبي إلى الصحابي عمر بن عبد العزيز، الخليفة الأموي الراشد، فقد كان قد أمر عماله بأن يمسكوا بعض الأشخاص من الموطنين للصلاة وقال لهم: “انتظروا حتى يجيء الفجر، فإذا جاء الفجر فنادوا للصلاة، ولكن إذا رأيتم فلانًا وفلانًا فلا تعرضا عليهما”.
1. معنى المثل:
هذا المثل يعني أنه يجب على الفرد ألا يتحدث عن عيوب الآخرين أو ينتقدها، وأن يتجنب الكلام السلبي عنهم، وبالتالي فإنَّ المثل يعتبر توجيهًا أخلاقيًا ودينيًا يدعو إلى الستر على الآخرين والابتعاد عن الغيبة والنميمة.
2. دروس وعبر من المثل:
– من دروس هذا المثل أن الله قد ستر على عباده في الدنيا فلا ينبغي للعبد أن يكشف ستر الله عنهم، بل الواجب عليه أن يكون ستارًا عليهم، فربما تابوا واستقاموا وأصلحوا حالهم.
– من دروس هذا المثل أيضًا: أن الإنسان عندما يرتكب معصية، فإنَّ قلبه يكون مُنقبضًا ومُظلمًا، ولا يُحبُّ أحدًا أن يذكره بما اقترفه من معاصي، فإذا فعلت ذلك فقد تُسبب في إحراجه وإيذائه.
– من الدروس المهمة لهذا المثل والتي يجب أن نضعها في اعتباراتنا أيضًا هي أنَّ مساوئ الإنسان قد تكون خافية على غيره، وقد تكون ظاهرة، فإذا كانت خافيةً فإنه لا يُحبُّ أن يطلع عليها أحد، وإذا كانت ظاهرة فإنه يكره أن يُذكَّر بها، فدع ما لا يعنيك، واترك الناس وشأنهم، وقُل في نفسك: “اترُكُوها فإنَّها مُنتِنة”.
3. الأمثلة على المثل:
– من الأمثلة على هذا المثل: عندما ترى شخصًا يُخطئ في حقك، فلا تتحدث عنه بسوء، ولا تُخبر الآخرين بما فعله، بل سامحه واغفر له، فربما تاب إلى الله بعد فعله لتلك المعصية، أو ربما لها سبب غيبي لم يعلمه أحد سواه.
– ومن الأمثلة أيضًا: عندما ترى شخصًا يتعامل معك بسوء، فلا تفعل له مثل ما فعل معك أو تنتقم منه، بل تصرف معه بأخلاقك وأدبك، فربما كان هذا الشخص يمر بحالة نفسية سيئة، أو ربما كان يُعاني من مشاكل شخصية لم يفصح عنها لك، فدع ما لا يعنيك، واترك الناس وشأنهم، وقُل في نفسك: “اترُكُوها فإنَّها مُنتِنة”.
– ومثال آخر: عندما ترى شخصًا يُخطئ في حق نفسه، فلا تبادره باللوم أو النقد، بل حاول أن تُساعده وتُنصحه بأدب ولطف، فربما كان هذا الشخص لا يعلم خطأ فعله، أو ربما كان تحت ضغط نفسي أو مادي جعله يفعل ما فعل، فدع ما لا يعنيك، واترك الناس وشأنهم، وقُل في نفسك: “اترُكُوها فإنَّها مُنتِنة”.
4. مواقف يُضرب فيها المثل:
– يُضرب هذا المثل في كثير من المواقف، ومنها: عندما ترى شخصًا يتحدث عن عيب في شخص آخر أو يُسيء إليه، فيجب عليك أن تُذكِّره بالمثل، وتقول له: “اترُكُوها فإنَّها مُنتِنة”.
– ويُضرب المثل أيضًا: عندما ترى شخصًا يتباهى بذنوبه أو يُفاخر بها، فيجب عليك أن تُذكِّره بالمثل، وتقول له: “اترُكُوها فإنَّها مُنتِنة”.
– ويُضرب المثل أيضًا: عندما ترى شخصًا يتحدث عن أسرار شخص آخر أو يُفشيها، فيجب عليك أن تُذكِّره بالمثل، وتقول له: “اترُكُوها فإنَّها مُنتِنة”.
5. أهمية المثل:
– تُكمن أهمية هذا المثل في أنه يحث الناس على التحلي بالأخلاق الحميدة، والابتعاد عن الغيبة والنميمة، والستر على عيوب الآخرين، والحرص على سمعتهم.
– كما أنَّ المثل يدعو إلى التسامح والعفو عن الآخرين، والابتعاد عن الحقد والضغينة.
– وهذا المثل أيضًا يُحذِّر من عواقب الكلام السلبي عن الآخرين، ويُبيِّن أنَّ هذا الكلام قد يُؤدي إلى إيذاء الآخرين وإحراجهم، بالإضافة إلى أنه قد يُسبب في القطيعة والعداوة بين الناس.
6. فوائد المثل:
– يُساعد هذا المثل على الحفاظ على العلاقات الاجتماعية الطيبة بين الناس، ويُساعد على نشر المحبة والمودة بينهم.
– كما يُساعد المثل على تخفيف حدة التوتر والمشاكل بين الناس، ويُساعد على حل النزاعات بينهم.
– يُساعد المثل أيضًا على تعزيز ثقة الناس بأنفسهم، ويُساعد على حمايتهم من الإحراج والإيذاء النفسي.
7. الخلاصة:
في خاتمة هذا المقال، نؤكد على أهمية التحلي بالأخلاق الحميدة، والابتعاد عن الغيبة والنميمة، والستر على عيوب الآخرين، والحرص على سمعتهم. كما نؤكد على أهمية التسامح والعفو عن الآخرين، والابتعاد عن الحقد والضغينة. وأخيرًا ندعو الجميع إلى التحلي بروح المحبة والمودة والاحترام، وأن نجعل هذا المثل “اترُكُوها فإنَّها مُنتِنة” نصب أعيننا في جميع تعاملاتنا مع الآخرين.