المقدمة:
إن جبر الخواطر من أهم الأخلاق الإسلامية، وهو من صفات المؤمنين الذين يحبون الخير لغيرهم ويسعون لإسعادهم. وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على جبر الخواطر في العديد من أحاديثه الشريفة، وفي هذا المقال سنذكر بعضًا من هذه الأحاديث مع شرحها.
1. جبر خاطر المسلم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”. (رواه مسلم).
شرح الحديث: إن هذا الحديث يحث المسلمين على جبر خاطر المسلم الذي يقع في كربة أو ضائقة، فإن من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، لأن الله يحب من عباده أن يكونوا رحماء ببعضهم البعض وأن يكونوا عونًا لهم وقت الشدائد.
ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، فالله يحب من عباده أن يساعدوا المحتاجين وأن ييسروا عليهم أمور حياتهم، فمن فعل ذلك يسر الله عليه في أمور دنياه وآخرته.
ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، فمن ستر على مسلم عيوبه وذلاته ستره الله في الدنيا والآخرة، لأن الله يحب من عباده أن يكونوا متسترين على بعضهم البعض وأن لا يفضحوا عيوبهم.
2. جبر خاطر الصغير والكبير:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق”. (رواه مسلم).
شرح الحديث: إن هذا الحديث يحث المسلمين على جبر خاطر الصغير والكبير، لأن المعروف لا يُحتقر مهما كان صغيرًا، فإلقاء السلام على أخيك المسلم بوجه طلق هو معروف صغير ولكنه يسعد قلب أخيك ويدخل السرور عليه.
كما أن إصلاح ذات البين من أعظم المعروفات، فمن أصلح بين اثنين متخاصمين فقد جبر خاطرهم وأدخل السرور على قلوبهم.
ومن أعظم المعروفات أيضًا إطعام الطعام وإسقاء الماء، فمن أطعم جائعًا أو سقاه عطشانًا فقد جبر خاطره وأسعده.
3. جبر خاطر الجار:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خير الجيران عند الله أحسنهم خلقًا، وخير الأمراء عند الله أعدلهم، وخير الأصحاب عند الله أوفاهم”. (رواه الترمذي).
شرح الحديث: إن هذا الحديث يحث المسلمين على جبر خاطر الجار، لأن الجار له حق على جاره، فمن أحسن إلى جاره خلقًا فقد جبر خاطره وأسعده.
كما أن على الجار أن يسعى في جبر خاطر جاره إذا أخطأ في حقه أو ظلمه، فإن ذلك من شيم المؤمنين الذين يحبون الخير لغيرهم ويسعون لإسعادهم.
ومن أعظم المعروفات التي يمكن أن يفعلها الجار لجاره أن يسعى في إصلاح ذات البين بينه وبين جاره الآخر، وذلك لأن إصلاح ذات البين من أعظم المعروفات كما سبق أن ذكرنا.
4. جبر خاطر الوالدين:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بر الوالدين أفضل من الصدقة، وإن أحدكم لا يدرك ثواب صدقته حتى يبر والديه”. (رواه أحمد).
شرح الحديث: إن هذا الحديث يحث المسلمين على جبر خاطر الوالدين، لأن بر الوالدين من أعظم العبادات وأفضلها، ومن بر الوالدين أن تحسن إليهما في القول والفعل وأن تطيعهما في غير معصية وأن تسعى لإسعادهما.
كما أن من بر الوالدين أن تدعو لهما بالخير والرحمة والمغفرة، وأن تستغفر لهما وأن تتصدق عنهما، وأن تصل أرحامهما من بعدهما.
ومن أعظم المعروفات التي يمكن أن يفعلها الابن لوالديه أن يسعى في إصلاح ذات البين بينهما إذا تخاصما أو اختلفا، وذلك لأن إصلاح ذات البين من أعظم المعروفات كما سبق أن ذكرنا.
5. جبر خاطر الزوجة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “استوصوا بالنساء خيرًا، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا”. (رواه البخاري ومسلم).
شرح الحديث: إن هذا الحديث يحث المسلمين على جبر خاطر الزوجة، لأن المرأة خلقت من ضلع، أي أنها خلقت من شيء ضعيف، ولذلك فهي تحتاج إلى رعاية خاصة وعناية فائقة.
كما أن المرأة لها طبيعتها الخاصة التي تختلف عن طبيعة الرجل، ولذلك على الزوج أن يتفهم هذه الطبيعة وأن يعامل زوجته بما يناسبها.
ومن أعظم المعروفات التي يمكن أن يفعلها الزوج لزوجته أن يحسن إليها في القول والفعل وأن يطيب خاطرها وأن يسعى لإسعادها.
6. جبر خاطر الأيتام والمساكين:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين”. وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى. (رواه البخاري ومسلم).
شرح الحديث: إن هذا الحديث يحث المسلمين على جبر خاطر الأيتام والمساكين، لأنهم من الفئات الضعيفة في المجتمع التي تحتاج إلى الرعاية والاهتمام.
كما أن كفالة اليتيم من أعظم القربات وأفضلها، لأن اليتيم فقد أباه الذي كان يعيله ويرعاه، ولذلك فهو يحتاج إلى من يكفله ويرعاه.
ومن أعظم المعروفات التي يمكن أن يفعلها المسلم للأيتام والمساكين أن يتصدق عليهم ويساعدهم على تلبية احتياجاتهم، وأن يدعو لهم بالخير والرحمة والمغفرة.
7. جبر خاطر الحيوانات:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بينما رجل يمشي بطريق وجد كلبًا يلهث يأكل الثرى من العطش، فنزع الرجل خفه فسقاه، فشكر الله له فأدخله الجنة”. (رواه البخاري ومسلم).
شرح الحديث: إن هذا الحديث يحث المسلمين على جبر خاطر الحيوانات، لأن الحيوانات كائنات حية تشعر وتتألم مثل البشر، ولذلك يجب على المسلمين أن يعاملوها برفق ولين.
ومن أعظم المعروفات التي يمكن أن يفعلها المسلم للحيوانات أن يطعمها ويسقيها ويوفر لها مأوى مناسبًا، وأن يعالجها إذا مرضت وأن لا يؤذيها أو يتسبب في إيذائها.
كما أن من المعروف أن يحمي المسلم الحيوانات من الأخطار المختلفة، مثل الحيوانات المفترسة والحوادث والسموم.
الخاتمة:
إن جبر الخواطر من أهم الأخلاق الإسلامية، وهو من صفات المؤمنين الذين يحبون الخير لغيرهم ويسعون لإسعادهم. وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على جبر الخواطر في العديد من أحاديثه الشريفة، وقد ذكرنا في هذا المقال بعضًا من هذه الأحاديث مع شرحها.