المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالموت حق على كل حي، وهو سنة الله في خلقه، قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [العنكبوت: 57]، وقال تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كل ابن آدم ميت، ونكاحه سنة، وكل ما سوى ذلك فضلة” [رواه الترمذي].
ونحن كمسلمين نؤمن بالبعث والنشور، ونعلم أن الموت ليس نهاية المطاف، بل هو انتقال من دار الفناء إلى دار البقاء، قال تعالى: {وَمَنْ يَمُتْ مِنْكُمْ فَتَرَكَ زَوْجاً فَعِدَّتُهُنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 234]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا الزوجة الصالحة” [رواه مسلم].
أولاً: فضل الدعاء للموتى:
حثنا الإسلام على الدعاء للموتى والاستغفار لهم، لأن ذلك من أفضل الأعمال التي يمكن أن نقدمها لهم، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب قال ملك: ولك بمثل” [رواه مسلم].
ثانياً: كيفية الدعاء للموتى:
يمكننا الدعاء للموتى بأي صيغة أو لفظ، ولكن من أفضل الأدعية ما ورد في السنة النبوية، ومن ذلك:
– اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وادخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار.
– اللهم عامله بما أنت أهله، ولا تعامله بما هو أهله، اللهم اجزه بالحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفراناً.
– اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك وحبل جوارك، فقه من فتنة القبر، وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، فاغفر له وارحمه، إنك أنت الغفور الرحيم.
ثالثاً: آداب الدعاء للموتى:
هناك بعض الآداب التي يجب مراعاتها عند الدعاء للموتى، ومن ذلك:
– الإخلاص لله تعالى: يجب أن يكون الدعاء لله تعالى وحده، ولا نشرك به أحداً.
– الحضور الذهني والخشوع: يجب أن يكون الداعي حاضر الذهن وخشوعاً، وأن يتدبر معاني الدعاء.
– رفع اليدين: يستحب رفع اليدين عند الدعاء، كما ورد في السنة النبوية.
– استقبال القبلة: يستحب استقبال القبلة عند الدعاء، كما ورد في السنة النبوية.
– الدعاء بظهر الغيب: يستحب الدعاء للموتى بظهر الغيب، كما ورد في السنة النبوية.
رابعاً: فضل زيارة القبور:
حثنا الإسلام على زيارة القبور، لأنها تذكرنا بالموت وتقربنا من الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنها تذكر بالموت” [رواه مسلم].
خامساً: آداب زيارة القبور:
هناك بعض الآداب التي يجب مراعاتها عند زيارة القبور، ومن ذلك:
– السلام على أهل القبور: يستحب السلام على أهل القبور عند زيارتهم، وذلك بقول: “السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون”.
– الدعاء لأهل القبور: يستحب الدعاء لأهل القبور عند زيارتهم، وذلك بأي صيغة أو لفظ، كما ورد في السنة النبوية.
– عدم الجلوس على القبور: يكره الجلوس على القبور، لأن ذلك من disrespect للموتى.
– عدم الدوس على القبور: يكره الدوس على القبور، لأن ذلك من disrespect للموتى.
سادساً: حكم البكاء على الميت:
لا حرج في البكاء على الميت إذا كان البكاء من رحمة وشفقة، وليس من جزع أو يأس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية” [رواه البخاري].
سابعاً: الخاتمة:
نسأل الله تعالى أن يتغمد موتانا وموتى المسلمين بواسع رحمته، وأن يجمعنا بهم في جنته، وأن يجعل قبورهم روضة من رياض الجنة، وأن يلهمنا الصبر والسلوان على فراقهم، وأن يجعل لنا فيهم عزاءً.