المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد الصادق الأمين، وبعد:
فإن من أعظم نعم الله تعالى على عباده أن جعل لهم منازل يلجؤون إليها عند الشدائد والمحن، ويلتمسون منها الفرج والخلاص، ومن هذه المنازل الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى، والتضرع إليه والتذلل بين يديه، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186].
وأفضل الدعاء ما كان من القلب، وأن يخلص العبد فيه لله تعالى، وأن يتذلل بين يديه، وأن يستشعر حاجته وفقره إليه، قال تعالى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ} [ص: 45-47].
ومن أفضل الأدعية وأعظمها دعاء “اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي” وغيره من الأدعية التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتي يستحب للمسلم أن يدعو بها في أوقات الشدة والضعف وقلة الحيلة، وفي هذا المقال سنتناول معنى هذا الدعاء وشرحه، وفوائده، وأفضل الأوقات لدعائه، وكيفية الدعاء به.
شرح الدعاء
الدعاء “اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي” هو دعاء جامع وكامل، يشتمل على الاعتراف بضعف القوة وقلة الحيلة، والالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى والشكوى إليه، والتضرع إليه طلبًا للفرج والخلاص من الهموم والشدائد.
معنى الدعاء
1- ضعف القوة: ضعف القوة هنا يشمل ضعف القوة البدنية والعقلية والنفسية والمالية، فالإنسان مهما بلغ من القوة والمنعة، فإنه ضعيف أمام قدرة الله تعالى، وأمام مصائب الدهر ونوائب الزمان.
2- قلة الحيلة: قلة الحيلة هنا تعني قلة الوسائل والحلول أمام الإنسان، فمهما اجتهد الإنسان في إيجاد حلول لمشكلاته، فإنه قد يعجز عن ذلك، وقد لا يجد من ينقذه أو يساعده.
فوائد الدعاء
1- التقرب إلى الله تعالى: الدعاء من أعظم القربات إلى الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186].
2- تفريج الهموم والشدائد: الدعاء من أفضل الوسائل لتفريج الهموم والشدائد، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2-3].
3- الإحسان إلى النفس: الدعاء من أفضل أنواع الإحسان إلى النفس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السماوات والأرض” [رواه ابن ماجه].
أفضل الأوقات لدعائه
1- الثلث الأخير من الليل: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟” [رواه البخاري ومسلم].
2- بين الأذان والإقامة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة” [رواه البخاري ومسلم].
3- عند السجود: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد” [رواه مسلم].
كيفية الدعاء به
1- الإخلاص لله تعالى: يجب على الداعي أن يخلص لله تعالى في دعائه، وأن لا يشرك به أحدًا.
2- الحضور والخشوع: يجب على الداعي أن يحضر قلبه وخشوعه لله تعالى عند الدعاء، وأن لا يكون مشغولًا بشيء آخر.
3- رفع اليدين: يستحب للمسلم أن يرفع يديه عند الدعاء، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
4- التضرع والابتهال: يجب على الداعي أن يتضرع إلى الله تعالى ويبتهل إليه، وأن يتذلل بين يديه.
5- تكرار الدعاء: يستحب للمسلم أن يكرر الدعاء، وأن لا يمل منه.
الخاتمة
الدعاء “اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي” من أفضل الأدعية التي يستحب للمسلم أن يدعو بها في أوقات الشدة والضعف وقلة الحيلة، وهو دعاء جامع وكامل، يشتمل على الاعتراف بضعف القوة وقلة الحيلة، والالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى والشكوى إليه، والتضرع إليه طلبًا للفرج والخلاص من الهموم والشدائد.
فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستجيب لدعائهم، وأن يفرج عنا همومنا وشدائدنا، وأن يرزقنا من حيث لا نحتسب.