اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،
فإن الله سبحانه وتعالى هو العفو الكريم، الذي يحب العفو ويحب من عباده أن يكونوا كذلك، وقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إنّ الله -عزّ وجلّ- عفو يحب العفو، فاعفوا يُعفُ عنكم”.
أولاً: فضل العفو عند الله تعالى:
1. إن العفو من صفات الله تعالى، وقد أمرنا بأن نكون مثله في عفوه وكرمه، قال تعالى: “وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ”.
2. إن العفو والعفو عن الآخرين من أعظم أسباب دخول الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم”.
3. إن العفو والعفو عن الآخرين من أعظم أسباب زيادة الرزق والبركة في العمر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من ترك العفو وهو يقدر عليه، لم يزل الله في عافية حتى يموت”.
ثانيًا: أسباب العفو عند الله تعالى:
1. التوبة النصوح: وهي التوبة التي يقلع فيها العبد عن الذنب ويستغفر الله تعالى منه، ويصمم على عدم العودة إليه مرة أخرى، قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ”.
2. الإحسان إلى الآخرين: وهو فعل الخير لهم، ومساعدتهم في حاجاتهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة”.
3. الدعاء إلى الله تعالى: وهو طلب المغفرة والرحمة منه، قال تعالى: “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ”.
ثالثًا: صور العفو عند الله تعالى:
1. العفو عن الذنوب والمعاصي: وهو من أعظم صور العفو عند الله تعالى، قال تعالى: “وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا”.
2. العفو عن الكفار والمنافقين: وهو من صور العفو عند الله تعالى، قال تعالى: “وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ”.
3. العفو عن الحيوانات: وهو من صور العفو عند الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قتل عصفورًا عبثًا، عذبه الله عز وجل يوم القيامة، قال: يا رب! إنما هي عصفورة قتلها، قال: قتلها وأنت قادر على تركها”.
رابعًا: فوائد العفو عند الله تعالى:
1. رضا الله تعالى: وهو من أعظم الفوائد التي يحصل عليها العبد من العفو، قال تعالى: “وَمَنْ يَعْفُ وَيَصْفَحْ فَأُجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ”.
2. دخول الجنة: وهو من أعظم الفوائد التي يحصل عليها العبد من العفو، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة من النار، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل”.
3. زيادة الرزق والبركة في العمر: وهو من الفوائد التي يحصل عليها العبد من العفو، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من ترك العفو وهو يقدر عليه، لم يزل الله في عافية حتى يموت”.
خامسًا: قصص عن العفو عند الله تعالى:
1. قصة سيدنا يوسف عليه السلام: فقد عفا عن إخوته الذين ظلموه وباعوه بثمن بخس، قال تعالى: “قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”.
2. قصة سيدنا داود عليه السلام: فقد عفا عن قاتل ابنه أوريا، قال تعالى: “فَغَفَرَ لَهُ رَبُّهُ وَتَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ”.
3. قصة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: فقد عفا عن أعدائه الذين آذوه وحاربوه، قال تعالى: “وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”.
سادسًا: الأدعية التي وردت في العفو عند الله تعالى:
1. “اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا”.
2. “ربنا اغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين”.
3. “اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره”.
سابعًا: الخاتمة:
العفو عند الله تعالى من أعظم الصفات التي يتصف بها، وهو يحب العفو ويحب من عباده أن يكونوا مثله في عفوه وكرمه، فنسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعًا إلى العفو والصفح عن بعضنا البعض وأن يغفر لنا ذنوبنا وخطايانا إنه سميع مجيب.