المقدمة:
“اللهم إني أستودعتك مالا يقوى قلبي على فقده” دعاءٌ يردده المؤمنون عند فقدان عزيزٍ عليهم، أو عند الخوف من فقدانه، فالقلب لا يتحمل فراق الأحبة، ولا يطيق العيش بدونهم، ففقدانهم يترك جرحًا غائرًا في النفس، لا يمحوه إلا لقاء الأحبة في الجنة.
1. فضل الدعاء:
الدعاء من أفضل العبادات وأحب الأعمال إلى الله تعالى، وهو سلاح المؤمن، وعون العبد في كل أموره، ولا سيما في وقت الشدة والضيق، وقد وردت أحاديث كثيرة تحث على الدعاء، ومن ذلك ما رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الدعاء هو العبادة”.
2. آداب الدعاء:
للدعاء آدابٌ ينبغي للمسلم أن يلتزم بها، حتى يكون دعاؤه مقبولاً عند الله تعالى، ومن هذه الآداب:
• الإخلاص لله تعالى: أي أن يكون الداعي موحدًا لله تعالى، لا يشرك به شيئًا، وأن يكون قصده من الدعاء وجه الله تعالى، لا غير.
• حضور القلب: أي أن يكون الداعي حاضر القلب، متدبرًا لما يقول، لا ساهيًا ولا غافلًا.
• رفع اليدين: يستحب للمسلم أن يرفع يديه عند الدعاء، كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
• التوجه إلى القبلة: يستحب للمسلم أن يتوجه إلى القبلة عند الدعاء، لأنها قبلة المسلمين ومحط أنظارهم.
• الدعاء بصوت خفيض: يستحب للمسلم أن يدعو بصوت خفيض، لا بصوت مرتفع.
• الدعاء بالدعاء المأثور: يستحب للمسلم أن يدعو بالدعاء المأثور، الذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن الدعاء المأثور أقرب إلى الإجابة.
3. أوقات الدعاء المستجابة:
هناك أوقاتٌ معينةٌ يكون فيها الدعاء مستجابًا بإذن الله تعالى، ومن هذه الأوقات:
• الثلث الأخير من الليل: وهو الوقت الذي ينزل فيه الله تعالى إلى السماء الدنيا، فيقول: “هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟”.
• السجود: وهو من أفضل أوقات الدعاء، لأن العبد يكون فيه أقرب ما يكون إلى الله تعالى.
• بعد الأذان: حيث يكون القلب متوجهًا إلى الله تعالى، مستعدًا لتلقي الدعاء.
• بين الأذان والإقامة: وهو وقتٌ مباركٌ، فيه تُستجاب الدعوات.
• يوم الجمعة: وهو أفضل يوم طلعت فيه الشمس، فيه ساعةٌ مستجابةٌ، تُستجاب فيها دعوة المؤمن.
4. الدعاء لفقدان عزيز:
عند فقدان عزيز، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى أن يخفف عليه حزنه، وأن يبدله خيرًا من فقيده، وقد ورد في ذلك أدعية كثيرة، منها:
• “اللهم يا راحم الشاكين، يا رافع البلاء والمحن، يا من لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض، أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء، أن ترحم عبدك (الاسم) وتخفف عنه حزنه وهمه، وأن تجعل قبره روضةً من رياض الجنة”.
• “اللهم إنك أنت المتفرد بالجلال والإكرام، وأنت الكريم الذي لا يبخل على عباده، أسألك باسمك العظيم الأعظم، أن ترزقني الصبر عند البلاء، وأن تجعل فقيدي من الشهداء”.
• “اللهم إني أستودعتك مالي فلا تضيعه، وأستودعتك أهلي وأحبابي فلا تكلهم إلى أنفسهم طرفة عين، اللهم ارحم فقيدي برحمتك الواسعة، وأجزه عني خير الجزاء”.
5. الدعاء لخوف فقدان عزيز:
إذا كان المسلم يخاف من فقدان عزيزٍ عليه، يجوز له أن يدعو الله تعالى أن يحفظ عليه عزيزه، وأن يرزقه الصحة والعافية، وقد ورد في ذلك أدعية كثيرة، منها:
• “اللهم يا حفيظ السماوات والأرض، يا من لا تضيع عنده الودائع، أسألك باسمك الأعظم، أن تحفظ علي عزيزي (الاسم) وأن ترزقه الصحة والعافية، وأن تقيه شر الأمراض والأوبئة”.
• “اللهم يا مالك الملك، يا من تقلب القلوب والأبصار، أسألك أن تثبت قلبي على دينك، وأن ترزقني وإياك حسن الخاتمة، وأن تجمعني بعزيزي في جنتك”.
• “اللهم إني أستودعتك نفسي وأهلي وأحبابي، فأحفظهم بحفظك، وكلهم برعايتك، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين”.
6. الدعاء للأحبة الأحياء:
يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى للأحبة الأحياء، بأن يرزقهم الصحة والعافية، والسعادة في الدنيا والآخرة، وقد ورد في ذلك أدعية كثيرة، منها:
• “اللهم ارزق أحبتي الصحة والعافية، والسعادة في الدنيا والآخرة، واجعلهم من الصالحين المتقين”.
• “اللهم ارزق أحبتي الأمن والأمان، والستر والعافية، واجعلهم من عبادك المقربين”.
• “اللهم ارزق أحبتي رزقًا واسعًا، حلالاً طيبًا، واجعلهم من الشاكرين المنفقين”.
7. الدعاء للوالدين:
الوالدان هما أعظم نعمة أنعم الله تعالى بها على عباده، لذلك ينبغي للمسلم أن يدعو لهما بالخير والصلاح، وقد ورد في ذلك أدعية كثيرة، منها:
• “اللهم اغفر لوالدي وارحمهما، كما ربياني صغيرًا”.
• “اللهم ارزق والدي الصحة والعافية، والسعادة في الدنيا والآخرة، واجعلهما من الصالحين المتقين”.
• “اللهم ارزق والدي الجنة، واجمعني بهما فيها”.
الخاتمة:
الدعاء من أفضل العبادات وأحب الأعمال إلى الله تعالى، وهو سلاح المؤمن، وعون العبد في كل أموره، ولا سيما في وقت الشدة والضيق، فبالدعاء ينال المسلم ما يريد، ويدفع عنه ما يكره، ومن أفضل الأدعية التي يمكن للمسلم أن يدعو بها: “اللهم إني أستودعتك مالي فلا تضيعه، وأستودعتك أهلي وأحبابي فلا تكلهم إلى أنفسهم طرفة عين”.