العنوان: اللهم لا تجعل الدنيا في قلوبنا
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فإن من أعظم الأدعية التي نرددها في صلاتنا ودعائنا هو أن نقول: اللهم لا تجعل الدنيا في قلوبنا. وهذا الدعاء له معنى عميق ودلالات كثيرة، وقد ورد في العديد من الروايات والأحاديث النبوية الشريفة.
أولاً: تعريف الدنيا
الدنيا هي الحياة الدنيا التي نعيشها على هذه الأرض، وهي دار فانية زائلة، قال تعالى: {إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 64].
وقد سميت الدنيا بالدنيا لأنها دنية ووضيعة، وهي دار ابتلاء وامتحان، قال تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [الأنعام: 32].
ثانيًا: حب الدنيا
حب الدنيا هو تعلق القلب بها والحرص عليها، وهو من أخطر الأمراض التي تصيب القلوب، قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران: 14].
وحب الدنيا هو أحد الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى غفلة الإنسان عن ذكر الله تعالى وعن الآخرة، قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر: 19].
ثالثًا: أسباب حب الدنيا
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى حب الدنيا، منها:
1. ضعف الإيمان بالآخرة: من لا يؤمن بالآخرة أو يعتقد أنها بعيدة أو وهمية، فإنه يتعلق بالدنيا ويحرص عليها.
2. اتباع الهوى والشهوات: من يتبع هواه وشهواته، فإنه يغفل عن ذكر الله تعالى وعن الآخرة، ويتعلق بالدنيا ومتاعها.
3. حب المال والجاه: من يحب المال والجاه، فإنه يسعى لتحصيلهما بكل الطرق، ولو كانت محرمة أو مشبوهة.
4. الخوف من الفقر والذل: من يخاف الفقر والذل، فإنه يحرص على جمع المال والمتاع، حتى ولو أدى ذلك إلى التخلي عن الأخلاق والقيم.
رابعًا: آثار حب الدنيا
لحب الدنيا آثار خطيرة على الفرد والمجتمع، منها:
1. غفلة القلب عن ذكر الله تعالى: من يحب الدنيا يتعلق بها ويحرص عليها، مما يؤدي إلى غفلة قلبه عن ذكر الله تعالى وعن الآخرة.
2. ارتكاب المعاصي والذنوب: من يحب الدنيا قد يرتكب المعاصي والذنوب من أجل تحقيق مآربه الدنيوية.
3. البخل والشح: من يحب الدنيا قد يصبح بخيلاً شحيحًا، لا ينفق ماله إلا على نفسه.
4. الحسد والكراهية: من يحب الدنيا قد يحسد غيره على ما آتاه الله تعالى من نعم، وقد يكرهه ويتمنى زوال نعمته.
خامسًا: علاج حب الدنيا
هناك العديد من الطرق التي يمكن بها علاج حب الدنيا، منها:
1. تقوية الإيمان بالآخرة: يجب على المسلم أن يقوي إيمانه بالآخرة، ويعتقد أنها قريبة وأنها هي الدار الباقية، وأن الدنيا دار فانية زائلة.
2. الزهد في الدنيا: يجب على المسلم أن يزهد في الدنيا ومتاعها، وأن يعلم أنها لا تساوي شيئًا أمام الآخرة.
3. اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم: يجب على المسلم أن يتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يقتدي به في زهد