المقدمة
يروى أن الشاعر العباسي بشار بن برد، مر يوماً بقصر الخليفة هارون الرشيد، فرأى على أحد أبوابه مكتوباً: “من دخل هذا الباب ولم يخرج منه ندماً، فليس من الرجال”. فتمعن الشاعر في الكتابة ثم قال: “والله يا أمير المؤمنين إنك لصادق، فقد دخلت هذا الباب أكثر من مرة، وخرجت منه أكثر من مرة، وما خرجت منه إلا وقلبي ممتلئ بالندم”.
الخيبة الأولى: خيبة الحظ
وذلك حينما ذهب إلى باب الخليفة هارون الرشيد، راجيًا منه أن يمنحه عطاءً أو جائزة، فلم يلق منه سوى التجاهل والإهمال، فخرج من عنده خائبًا، وقد خاب أمله فيه.
الخيبة الثانية: خيبة الفضل
كانت ثاني خيبات بشار عندما شارك في مسابقة شعرية أقيمت في قصر الخليفة، وكان من بين الشعراء المشاركين الشاعر المعروف أبو نواس، الذي كان يتمتع بمكانة رفيعة لدى الخليفة، لذلك لم يكن مستغربًا أن يفوز أبو نواس بالمسابقة، بينما حل بشار في المرتبة الثانية، الأمر الذي أثار حفيظة بشار وأشعره بالظلم والغبن.
الخيبة الثالثة: خيبة العلم
لم تكن خيبات بشار مقتصرة على الجانب المادي والاجتماعي، بل امتدت لتطال الجانب العلمي أيضًا؛ فبعد أن قضى سنوات طويلة في دراسة علوم اللغة والأدب، فوجئ بأن هناك من هو أعلم منه وأكثر منه دراية بهذه العلوم، ما جعله يشعر بالتقصير وعدم الكفاية.
الخيبة الرابعة: خيبة الحب
لم يوفق بشار في الحب أيضًا، فقد أحب فتاة من بنات الأشراف، لكنها لم تبادله الحب، بل تزوجت من رجل آخر، الأمر الذي سبب له ألماً وحزنًا شديدين، جعلاه يلعن الحب والنساء.
الخيبة الخامسة: خيبة العمر
مع تقدم بشار في العمر بدأ يشعر بمرارة الزمن ووحشة الحياة، فرأى أن الدنيا لا تساوي شيئًا، وأن كل ما فيها زائل وفان، فكتب شعراً رثائيًا حزينًا، عبر فيه عن خيبته من الحياة.
الخيبة السادسة: خيبة الموت
كانت آخر خيبات بشار هي خيبة الموت، فقد توفي في سن مبكرة، ولم يحظ بالفرصة لتحقيق أحلامه وطموحاته، الأمر الذي جعله يشعر بالأسف والندم على ما فاته من عمره.
الخاتمة
كانت حياة بشار بن برد مليئة بالخيبات والآلام، لكنه رغم ذلك لم يستسلم لليأس والإحباط، بل ثابر على الكتابة والشعر حتى آخر يوم في حياته، تاركًا وراءه إرثًا شعريًا عظيمًا لا يزال يقرأ ويُدرس حتى يومنا هذا.