الوندال في تونس
مدخل
الوندال هم قبيلة جرمانية، ينتمون إلى مجموعة شعوب الفاندال، وقد استوطنوا شمال إفريقيا في القرن الخامس الميلادي، وأسسوا مملكة الوندال في المنطقة التي تُعرف اليوم بتونس، وكانت عاصمتهم قرطاج، واستمرت مملكتهم حتى القرن السادس الميلادي.
تاريخ الوندال في تونس
1. وصول الوندال إلى شمال إفريقيا
– بدأ الوندال بالسيطرة على إسبانيا في عام 409م، ثم عبروا إلى شمال إفريقيا في عام 429م، حيث استوطنوا شمال تونس، وتوسعوا تدريجياً حتى سيطروا على معظم أجزائها.
– في عام 439م، اعترف الإمبراطور الروماني الشرقي ثيودوسيوس الثاني، بحكم الوندال في تونس، بشرط أن يكونوا حلفاء للإمبراطورية الرومانية.
– في عام 442م، انتصر الوندال على قوات الرومان في معركة جلاكتا، مما أدى إلى تأسيس مملكة الوندال في تونس.
2. حكم الوندال في تونس
– حكم الوندال تونس لأكثر من قرن، وكانت مملكتهم تتمتع بالاستقرار والقوة، وأسسوا عاصمتهم قرطاج، والتي أصبحت مركزاً تجارياً وثقافياً مهماً في المنطقة.
– كان الوندال أريوسيين، وكانوا يضطهدون المسيحيين النيقيين، مما أدى إلى حدوث صراعات دينية بينهم، كما قاموا بنهب وإحراق العديد من الكنائس والمباني الدينية الرومانية.
– كانت العلاقات التجارية بين الوندال والامبراطورية البيزنطية متوترة في البداية، لكنها تحسنت في عهد الملك جيليمر، الذي اعترف بسيادة الإمبراطور البيزنطي جستنيان على شمال إفريقيا.
3. سقوط مملكة الوندال
– في عام 533م، غزا الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول تونس، بهدف استعادة المنطقة من الوندال، وذلك بدعم من بعض القبائل البربرية المحلية.
– استمرت الحرب بين البيزنطيين والوندال لمدة عامين، انتهت بهزيمة الوندال وسقوط مملكتهم في عام 534م.
– بعد سقوط مملكة الوندال، أصبحت تونس جزءاً من الإمبراطورية البيزنطية، وظلت كذلك حتى الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي.
حضارة الوندال في تونس
1. الفنون والعمارة
– كان للوندال تأثير كبير على الفن والعمارة في تونس، حيث بنوا العديد من المباني والكنائس، والتي تتميز بالزخارف والتصاميم الفريدة.
– من أشهر المباني التي بناها الوندال، كنيسة القديس أوغسطين في مدينة عنابة الجزائرية، والتي تتميز بزخارفها الرائعة والسقوف المقببة.
– كما بنى الوندال العديد من الجسور والحصون والقلاع، والتي لا تزال بعضها قائمة حتى اليوم، مثل قلعة القصبة في مدينة تونس.
2. اللغة والدين
– كان الوندال يتحدثون اللغة الجرمانية، والتي كانت لغة رسمية في مملكتهم، بالإضافة إلى اللغة اللاتينية، والتي كانت تستخدم في الأعمال الرسمية والتجارية.
– اعتنق الوندال المسيحية الأريوسية، وهي مذهب مسيحي يختلف عن المذهب النيقي الذي كان سائداً في الإمبراطورية الرومانية آنذاك.
– اضطهد الوندال المسيحيين النيقيين، وقاموا بنهب وإحراق العديد من الكنائس والمباني الدينية الرومانية.
3. الاقتصاد والتجارة
– كان اقتصاد الوندال يعتمد بشكل أساسي على الزراعة والتجارة، حيث كان لديهم أراضٍ زراعية واسعة، وكانوا يزرعون الحبوب والزيتون والفاكهة.
– كما كان الوندال يمارسون التجارة مع الإمبراطورية البيزنطية ودول شمال إفريقيا الأخرى، وكانوا يصدرون المنتجات الزراعية والحيوانية، ويستوردون السلع الفاخرة والنادرة.
– كانت التجارة البحرية مهمة جداً للاقتصاد الوندالي، حيث كانوا يسيطرون على البحر المتوسط، وكان لديهم أسطول بحري قوي.
خاتمة
كانت مملكة الوندال في تونس فترة مهمة في تاريخ تونس، حيث ترك الوندال إرثاً ثقافياً وفنياً ودينياً لا يزال قائماً حتى اليوم. كما كان لهم تأثير كبير على تاريخ المنطقة، حيث مهدوا الطريق لانتشار المسيحية الأريوسية في شمال إفريقيا، وساهموا في إضعاف الإمبراطورية الغربية، وأسسوا دولة مستقلة في شمال إفريقيا استمرت لأكثر من قرن من الزمان.