مقدمة
الرياء هو إظهار العبادة أو فعل الخير للناس، حتى يمدحوه ويثنوا عليه، وهو من أعظم الذنوب وأشدها خطراً على صاحبها؛ لأن الرياء يبطل العمل، ويفقده الثواب والأجر، وقد حذرنا الله تعالى في كتابه الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة من الرياء، وذما من يفعله.
1. صور الرياء في العبادات:
1.1: الرياء في الصلاة
من صور الرياء في الصلاة أن يصلي الإنسان وهو يطيل القيام والركوع والسجود، ويتكلف في ذلك، حتى ينظر إليه الناس ويُعجبوا به، ويبتعد عن الصلاة في الصفوف الأولى لئلا يراه الناس، ويصلي في الصفوف الخلفية حتى لا يراه أحد.
1.2: الرياء في الصيام
من صور الرياء في الصيام أن يتشدد الإنسان في الصيام، ويظهر للناس أنه لا يأكل ولا يشرب، ويتكلم بصوت ضعيف ليعلم الناس أنه صائم، ويختار الملابس الرثة ليعرف الناس أنه صائم.
1.3: الرياء في الحج والعمرة
من صور الرياء في الحج والعمرة أن يتباهى الإنسان بإحرامه، ويتشدق بكثرة طوافه وسعيه، ويُكثر من الصلاة والدعاء في الأماكن المقدسة، حتى يُعجب به الناس ويُثنوا عليه.
2. صور الرياء في المعاملات:
2.1: الرياء في الصدقة
من صور الرياء في الصدقة أن يتصدق الإنسان وهو يظهر للناس ماله، ويمن عليهم بما أعطاه، ويتباهى بكثرة صدقاته، ويعطي الصدقة علناً حتى يراه الناس، ولا يتصدق سراً خوفاً من أن يراه الناس.
2.2: الرياء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
من صور الرياء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يأمر الإنسان بالمعروف وينهى عن المنكر وهو يبحث عن ثناء الناس عليه، ويُحب أن يُعرف بأنه الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، ويتكلف في ذلك حتى يُعجب به الناس.
2.3: الرياء في الإحسان إلى الناس
من صور الرياء في الإحسان إلى الناس أن يُحسن الإنسان إلى الآخرين وهو يطلب منهم الشكر والثناء، ويريد أن يكون له فضل عليهم، ويتكلف في إحسانه حتى يُعجب به الناس ويُثنوا عليه.
3. صور الرياء في الأقوال والأفعال:
3.1: التحدث عن العبادات والطاعات:
من صور الرياء في الأقوال التحدث عن العبادات والطاعات التي يقوم بها الإنسان، حتى يُعجب به الناس ويُثنوا عليه، ويتحدث عن نفسه وفضائله وأعماله الصالحة، ويُكثر من ذكر محاسنه وعيوبه.
3.2: التظاهر بالصلاح والتقوى:
من صور الرياء في الأقوال التظاهر بالصلاح والتقوى، والتحدث عن قراءة القرآن والذكر والصلاة، وإظهار الورع والتقوى، والتحدث عن الزهد في الدنيا، والتظاهر بالعبادة والطاعة، حتى يُعجب به الناس ويُثنوا عليه.
3.3: التباهي بالإنجازات والنجاحات:
من صور الرياء في الأقوال التباهي بالإنجازات والنجاحات، والتحدث عن الترقيات والوظائف العالية، والتفاخر بالأموال والأولاد، والتحدث عن السفر والرحلات، والتظاهر بالثراء والجاه، حتى يُعجب به الناس ويُثنوا عليه.
4. صور الرياء في المظهر الخارجي
4.1: ارتداء الملابس الفاخرة:
من صور الرياء في المظهر الخارجي ارتداء الملابس الفاخرة والباهظة الثمن، وإظهار التأنق والترف، والتزين بالمجوهرات والحُلي، والتكلف في المظهر حتى يُعجب به الناس ويُثنوا عليه.
4.2: الاهتمام المبالغ فيه بالشكل:
من صور الرياء في المظهر الخارجي الاهتمام المبالغ فيه بالشكل، والتكلف في تسريحة الشعر ومكياج الوجه، وإظهار الجمال والزينة، حتى يُعجب به الناس ويُثنوا عليه.
4.3: التباهي بالسيارة الفاخرة:
من صور الرياء في المظهر الخارجي التباهي بالسيارة الفاخرة، وإظهار الثراء والجاه، والقيادة بسرعة عالية، حتى يُعجب به الناس ويُثنوا عليه.
5. أسباب الرياء ودوافعه
5.1: حب الشهرة والثناء:
من أسباب الرياء حب الشهرة والثناء، ورغبة الإنسان في أن يُعجب به الناس ويُثنوا عليه، ويُريد أن يكون له مكانة في قلوبهم، وأن يكون له فضل عليهم، وأن يُحظى باحترام وتقدير المجتمع.
5.2: الخوف من الذم واللوم:
من أسباب الرياء الخوف من الذم واللوم، ورغبة الإنسان في أن يكون له سمعة حسنة بين الناس، ولا يريد أن يُعرف بأنه سيء أو فاسد، ويريد أن يكون له مكانة في قلوبهم، وأن يكون له فضل عليهم، وأن يُحظى باحترام وتقدير المجتمع.
5.3: الرغبة في الحصول على المنافع والمكاسب:
من أسباب الرياء الرغبة في الحصول على المنافع والمكاسب، ورغبة الإنسان في أن يحصل على ترقية في الوظيفة أو زيادة في الراتب، أو يحصل على منفعة أو مصلحة من الناس، أو يحصل على مكانة اجتماعية مرموقة.
6. آثار الرياء ونتائجه
6.1: بطلان العمل وعدم ثوابه:
من آثار الرياء ونتائجه بطلان العمل وعدم ثوابه، فالعمل الذي يُفعل رياءً لا يُقبل من الله تعالى، ولا يُثاب عليه صاحبه، بل يكون حبطاً عليه، وقد يُعاقب عليه أيضاً.
6.2: النفاق والخداع:
من آثار الرياء ونتائجه النفاق والخداع، فالمرائي يظهر للناس خلاف ما يُبطن، ويُظهر لهم أنه صالح وهو فاسد، ويُظهر لهم أنه متدين وهو منافق، ويكذب على نفسه وعلى الناس.
6.3: سوء الخاتمة:
من آثار الرياء ونتائجه سوء الخاتمة، فالمرائي لا يموت على الإسلام، بل يموت على النفاق، وقد حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من الموت على النفاق، وقال: “أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منها كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر”.
7. علاج الرياء والتخلص منه
7.1: الإخلاص لله تعالى:
من علاج الرياء والتخلص منه الإخلاص لله تعالى، بأن يُخلص الإنسان عمله لله تعالى وحده، ولا يُشرك به أحداً، وأن يقصد بعمله وجه الله تعالى فقط، ولا يقصد به الثناء والمدح من الناس.
7.2: مراقبة الله تعالى:
من علاج الرياء والتخلص منه مراقبة الله تعالى، بأن يراقب الإنسان نفسه في كل قول وفعل، وأن يكون على حذر من الرياء، وأن يحذر من أن يفعل عملاً يُريده من الناس.
7.3: محاسبة النفس:
من علاج الرياء والتخلص منه محاسبة النفس، بأن يُحاسب الإنسان نفسه على أعماله وأقواله، وأن ينظر في دوافعها ونواياها، وأن يتأكد من أنها خالصة لله تعالى.
خاتمة
الرياء من أعظم الذنوب وأشدها خطراً على صاحبها، وهو من عمل المنافقين، وقد حذرنا الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم من الرياء، وذما من يفعله، وبيّنا صوره وأسبابه وآثاره وعلاجه، نسأل الله تعالى أن يُعيننا على الإخلاص له وأن يُخلص أعمالنا وأقوالنا من الرياء والسمعة، وأن يُرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.