**المقدمة:**
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن من أعظم المصائب التي يواجهها الإنسان في حياته هي مصيبة فقدان الأحبة، سواء كانوا آباءً أو أمهاتًا أو إخوةً أو أخواتًا أو أصدقاءً، وفي هذه اللحظات الصعبة يجد الإنسان نفسه أمام حقيقة الموت التي لا مفر منها، والتي لا يمكنه الهروب منها مهما حاول.
**1. الموت حقيقة لا مفر منها:**
الموت هو سنة الله في خلقه، ولا يمكن لأحد أن يفر منه مهما عظمت مكانته أو قوته أو ثروته، قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [العنكبوت: 57].
والموت هو انتقال من دار الفناء إلى دار البقاء، وهو لقاء الله الذي إليه المصير، قال تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا} [يونس: 4].
**2. الموت نهاية الحياة الدنيا:**
بالموت تنتهي الحياة الدنيا بكل ما فيها من متاعب ومشاق، وتبدأ الحياة الآخرة التي لا نهاية لها، وهي الحياة التي يحاسب فيها الإنسان على أعماله في الدنيا، وينال جزاءه عليها.
قال تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 64].
**3. الموت اختبار للإنسان:**
الموت هو اختبار للإنسان، يمتحن فيه صبره ورضاه بقضاء الله، ومدى تمسكه بالإيمان والعمل الصالح.
قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155].
**4. الموت رحمة للمؤمن:**
الموت رحمة للمؤمن، فهو يريحه من متاعب الحياة الدنيا، وينقله إلى جوار ربه الكريم، حيث النعيم والسرور الأبديان.
قال تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 27-30].
**5. الموت عذاب للكافر:**
الموت عذاب للكافر، فهو ينقله من الحياة الدنيا التي كان يتمتع فيها بالمتع والشهوات، إلى دار العذاب الأبدي في النار.
قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ صَاحِبٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} [الزخرف: 36-38].
**6. الموت حق على كل مسلم:**
الموت حق على كل مسلم، ولا يجوز له أن يتمناه أو يسعى إليه، لأن ذلك من المحرمات شرعًا.
قال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195].
**7. الموت موعظة للمؤمن:**
الموت موعظة للمؤمن، تذكره بأن الحياة الدنيا فانية، وأن الآخرة هي الباقية، وأن عليه أن يعد نفسه للقاء الله.
قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 35].
**الخاتمة:**
وختامًا، فإن الموت حقيقة لا مفر منها، وهو نهاية الحياة الدنيا وبداية الحياة الآخرة، وهو اختبار للإنسان، ورحمة للمؤمن، وعذاب للكافر، وهو حق على كل مسلم، وموعظة للمؤمن.
فنسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الخاتمة، وأن يتقبل منا صالح أعمالنا، وأن يغفر لنا ذنوبنا، وأن يدخلنا جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا.