آيات الظلم في القرآن الكريم
مقدمة
الظلم هو كل تصرف أو قول أو فعل ينتهك حقوق الآخرين ويسبب لهم الضرر والأذى. والظلم من أخطر الذنوب وأسوأ الصفات التي يمكن أن يتصف بها الإنسان، فهو يفسد العلاقات بين الناس وينشر الفوضى والاضطراب في المجتمع. وقد حذر القرآن الكريم من الظلم وأمر المسلمين بالابتعاد عنه والتزام العدل والإنصاف في جميع تعاملاتهم.
أولاً: تعريف الظلم في القرآن الكريم
عرّف القرآن الكريم الظلم بأنه وضع الشيء في غير موضعه أو انتهاك حقوق الآخرين. ومن مظاهر الظلم العدوان على الناس وقتلهم بغير حق، وسلب أموالهم وأكلها بالباطل، وشهادة الزور، والظلم في الحكم، والتحيز والمحسوبية، والعنصرية، والديكتاتورية، وغير ذلك من الأفعال التي تسبب الضرر للآخرين وتنتهك حقوقهم.
ثانيًا: أنواع الظلم في القرآن الكريم
حدد القرآن الكريم نوعين رئيسيين من الظلم، وهما:
1. الظلم بين الناس: وهو كل تصرف أو قول أو فعل ينتهك حقوق الآخرين ويسبب لهم الضرر والأذى. ومن مظاهر الظلم بين الناس العدوان والقتل والسرقة والزنا والربا والغش والتحيز والمحسوبية والعنصرية وغيرها من الأفعال التي تسبب الضرر للآخرين وتنتهك حقوقهم.
2. الظلم الإلهي: وهو ما يقع من الله عز وجل من عذاب أو عقوبة للظالمين والمجرمين. ومن مظاهر الظلم الإلهي عذاب القبر وعذاب يوم القيامة والعذاب في النار.
ثالثًا: أسباب الظلم في القرآن الكريم
ورد في القرآن الكريم العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الظلم، منها:
1. الجهل: فالجهل هو أول وأهم أسباب الظلم، لأن الإنسان الجاهل لا يعرف ما هي حقوقه ولا حقوق الآخرين، ولا يعرف ما هي حدوده وما هي حدود الآخرين، لذلك فإنه يتعدى على حقوق الآخرين بسهولة.
2. الطمع: والطمع هو الرغبة الشديدة في الحصول على المزيد من المال أو السلطة أو الجاه أو غير ذلك من الأشياء الدنيوية، ويؤدي الطمع إلى الظلم لأن الإنسان الطماع لا يتورع عن انتهاك حقوق الآخرين من أجل الحصول على ما يريد.
3. الحسد: والحسد هو تمني زوال النعمة عن الآخرين، ويؤدي الحسد إلى الظلم لأن الإنسان الحسود يكره الآخرين وينقم عليهم نعمهم، وقد يدفعهم ذلك إلى ارتكاب الظلم بحقهم.
رابعًا: مظاهر الظلم في القرآن الكريم
ورد في القرآن الكريم العديد من مظاهر الظلم، منها:
1. العدوان على الناس وقتلهم بغير حق، كما قال تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الإسراء: 33].
2. سلب أموال الناس وأكلها بالباطل، كما قال تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188].
3. شهادة الزور، كما قال تعالى: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30].
4. الظلم في الحكم، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء: 135].
خامسًا: عقوبة الظلم في القرآن الكريم
وعد الله تعالى الظالمين والمجرمين بعقوبة شديدة في الدنيا والآخرة، ومن عقوبة الظلم في الدنيا:
1. الذل والهوان، كما قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [الأنعام: 21].
2. الفقر والحرمان، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [النساء: 37].
3. المرض والوباء، كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30].
سادسًا: سبل الوقاية من الظلم في القرآن الكريم
حث القرآن الكريم المسلمين على اتباع السبل التالية للوقاية من الظلم:
1. اتباع العدل والإنصاف في جميع تعاملاتهم، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء: 135].
2. التحلي بالأخلاق الفاضلة، مثل الصدق والأمانة والعدل والإنصاف، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} [النحل: 90].
3. الحذر من الطمع والحسد، كما قال تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 131].
سابعًا: الخاتمة
الظلم من أخطر الذنوب وأسوأ الصفات التي يمكن أن يتصف بها الإنسان، فهو يفسد العلاقات بين الناس وينشر الفوضى والاضطراب في المجتمع. وقد حذر القرآن الكريم من الظلم وأمر المسلمين بالابتعاد عنه والتزام العدل والإنصاف في جميع تعاملاتهم. ومن سبل الوقاية من الظلم اتباع العدل والإنصاف والتحلي بالأخلاق الفاضلة والحذر من الطمع والحسد.