مقدمة:
العطاء هو أحد أسمى القيم الإنسانية، وهو سمة من سمات الشخصيات العظيمة التي تسعى لجعل العالم مكانًا أفضل. إنه فعل تقديم شيء ذي قيمة لشخص آخر دون توقع أي شيء في المقابل، وهو منبع السعادة والرضا الداخلي. إن العطاء يجعلنا نشعر بالتواصل مع الآخرين وبالسعادة والإنجاز. وقد حثت جميع الأديان والثقافات على أهمية العطاء، واعتبرته من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها الإنسان.
العطاء في الإسلام:
يعتبر العطاء في الإسلام من أهم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، وقد حث عليه القرآن الكريم والسنة النبوية في العديد من المواضع. قال تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ} [البقرة: 177]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خير الناس أنفعهم للناس”.
العطاء في المسيحية:
في المسيحية، يُعتبر العطاء أحد أهم التعاليم التي نادى بها السيد المسيح. فقد قال: “أعطوا ولا تنتظروا شيئًا في المقابل”. كما دعا المسيح إلى حب الآخرين وإلى مساعدتهم المحتاجين. وقد قال أيضًا: “طوبى للرحماء لأنهم سيُرحمون”.
العطاء في البوذية:
في البوذية، يُعتبر العطاء أحد أهم المبادئ الأساسية التي ينبغي على الإنسان اتباعها. ويُعرف هذا المبدأ باسم “الدانا”، ويعني “الكرم” أو “العطاء”. ووفقًا لتعاليم البوذية، فإن العطاء هو أحد الطرق التي يمكن للإنسان من خلالها أن يتخلص من التعلق بالأشياء وبالذات، وبالتالي تحقيق النيرفانا أو التنوير.
العطاء في الهندوسية:
في الهندوسية، يُعتبر العطاء أحد أهم الواجبات الدينية التي ينبغي على الإنسان القيام بها. ويُعرف هذا الواجب باسم “دانا”، ويعني “العطاء” أو “التبرع”. ووفقًا لتعاليم الهندوسية، فإن العطاء هو أحد الطرق التي يمكن للإنسان من خلالها أن يتخلص من الكارما السيئة ويحقق الموكشا أو التحرر.
العطاء في اليهودية:
في اليهودية، يُعتبر العطاء أحد أهم المبادئ الأساسية التي ينبغي على الإنسان اتباعها. ويُعرف هذا المبدأ باسم “تسيداكا”، ويعني “العدالة” أو “الصدق”. ووفقًا لتعاليم اليهودية، فإن العطاء هو أحد الطرق التي يمكن للإنسان من خلالها أن يظهر حبه لله وللآخرين، وبالتالي تحقيق الخلاص.
العطاء في السيخية:
في السيخية، يُعتبر العطاء أحد أهم التعاليم التي نادى بها المعلم السيخ جورو ناناك. فقد قال: “أعطِ حتى آخر قطعة خبز لديك، ولا تنتظر شيئًا في المقابل”. كما دعا المعلم السيخ إلى حب الآخرين وإلى مساعدتهم المحتاجين. وقد قال أيضًا: “لا يوجد دين أعلى من خدمة الإنسانية”.
العطاء في الحضارات القديمة:
في الحضارات القديمة، كان العطاء يُعتبر أحد أهم القيم الاجتماعية التي ينبغي على الإنسان أن يتحلى بها. فعلى سبيل المثال، في حضارة مصر القديمة، كان يُنظر إلى العطاء كواجب ديني مقدس، وكان الناس يتبرعون بأجزاء من ممتلكاتهم للمعابد والكهنة. وفي حضارة بلاد ما بين النهرين، كان يُنظر إلى العطاء كواجب اجتماعي مهم، وكان الناس يتعاونون معًا لبناء المعابد والقنوات والطرق.
الخلاصة:
العطاء هو أحد أسمى القيم الإنسانية التي يجب أن يتحلى بها كل شخص. وهو فعل نبيل يجعل الإنسان يشعر بالسعادة والرضا الداخلي. وقد حثت جميع الأديان والثقافات على أهمية العطاء، واعتبرته من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها الإنسان. فالعطاء هو مفتاح بناء المجتمعات السعيدة والمترابطة، وهو طريق تحقيق السعادة والسلام الداخلي.