برج الشهر: رمز الأصالة والتراث
برج الشهر شامخ، يقف شاهداً على تاريخ عريق وحضارة ضاربة في أعماق الزمن. هذا البرج شامخ في مدينة جدة السعودية، يعد من أقدم المعالم الأثرية في المملكة، وواحدًا من أبرزها، بارتفاع يصل إلى 18 مترًا، ويطل على ساحل البحر الأحمر وميناء جدة، مما جعله أحد الوجهات السياحية المهمة. وقد تم بناؤه عام 1020 م بأمر من الشريف سرور بن مساعد بن إبراهيم، أمير مكة المكرمة آنذاك، وذلك لغرض مراقبة السفن القادمة من البحر، وحماية المدينة من الغارات البحرية، بالإضافة إلى استخدامه كمقر لجمع الضرائب الجمركية من السفن التجارية.
الموقع الجغرافي:
يقع برج الشهر في مدينة جدة القديمة، بالقرب من ميناء جدة الإسلامي، على الشريط الساحلي للبحر الأحمر. وقد تم اختيار هذا الموقع بعناية فائقة، حيث يوفر رؤية بانورامية شاملة للميناء والساحل، مما يسهل عملية مراقبة السفن وحركة الملاحة البحرية.
التصميم والهندسة المعمارية:
يعتبر برج الشهر نموذجًا فريدًا للهندسة المعمارية الإسلامية، فهو مبني من الحجر الجيري الصلب، ويتكون من قاعدة دائرية الشكل، يبلغ قطرها حوالي 10 أمتار، وارتفاعها حوالي 10 أمتار أيضًا، تعلوها منارة مثمنة الشكل، يبلغ ارتفاعها حوالي 8 أمتار. وقد تم تزيين البرج بالعديد من الزخارف والنقوش الإسلامية، التي تتميز بالدقة والجمال، مما يضفي عليه طابعًا خاصًا من الأصالة والتراث.
الوظائف والأدوار التاريخية:
1. مراقبة السفن وحركة الملاحة البحرية: كان البرج يستخدم كموقع استراتيجي لمراقبة السفن التجارية والحربية القادمة من البحر، وذلك بهدف حماية المدينة من الغارات البحرية والحفاظ على أمنها.
2. جمع الضرائب الجمركية: كان البرج يستخدم أيضًا كمقر لجمع الضرائب الجمركية من السفن التجارية القادمة إلى ميناء جدة. حيث كان التجار يدفعون الضرائب المستحقة على بضائعهم قبل السماح لهم بدخول الميناء وتفريغ حمولتهم.
3. إدارة وتنظيم حركة الميناء: كان البرج يستخدم أيضًا لإدارة وتنظيم حركة الميناء، حيث كان حراس البرج يراقبون دخول وخروج السفن من الميناء، ويقومون بتوجيهها إلى الأرصفة المناسبة.
أهمية برج الشهر التاريخية:
أهمية عسكرية: كان برج الشهر بمثابة حصن دفاعي هام لحماية مدينة جدة من الغارات البحرية. حيث كان الحراس يتمركزون في البرج ويراقبون البحر باستمرار، وفي حال رصد أي سفن معادية، فإنهم ينطلقون لصدها وحماية المدينة.
أهمية اقتصادية: كان برج الشهر أيضًا ذا أهمية اقتصادية كبيرة، حيث كان يستخدم لجمع الضرائب الجمركية من السفن التجارية القادمة إلى ميناء جدة. وقد لعب هذا الدور في تنمية اقتصاد المدينة وازدهارها.
أهمية سياحية: يعد برج الشهر اليوم أحد أهم المعالم السياحية في مدينة جدة. حيث يزوره السائحون من جميع أنحاء العالم للإعجاب بهندسته المعمارية الفريدة والتعرف على تاريخه العريق.
الترميم والتجديد:
1. الترميم الأول: تم إجراء أول عملية ترميم لبرج الشهر في عام 1979 م من قبل وزارة الآثار السعودية. حيث تم ترميم الأجزاء المتضررة من البرج، وإعادة طلائه.
2. الترميم الثاني: في عام 2006 م، تم إجراء عملية ترميم شاملة لبرج الشهر من قبل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني. حيث تم ترميم القاعدة والدعامات الحجرية للبرج، واستبدال الأجزاء المتضررة من المنارة، وإعادة طلاء البرج بالكامل.
3. إضاءة البرج: في عام 2010 م، تم تركيب نظام إضاءة جديد لبرج الشهر، مما جعله أكثر جمالًا وإبهارًا ليلاً.
الوضع الحالي:
بعد عمليات الترميم والتجديد، أصبح برج الشهر اليوم في حالة جيدة، ويعد أحد أهم المعالم السياحية في مدينة جدة. حيث يزوره السائحون من جميع أنحاء العالم للإعجاب بهندسته المعمارية الفريدة والتعرف على تاريخه العريق.
الخاتمة:
برج الشهر رمز للأصالة والتراث، وعلامة فارقة في تاريخ مدينة جدة. وهو شاهد على عراقة الحضارة الإسلامية وحصانة عبقريتها عبر العصور. ومن دواعي الفخر لمدينة جدة أن تحتضن هذا المعلم التاريخي العظيم، الذي يسحر الزوار من جميع أنحاء العالم بروعة هندسته المعمارية وتاريخه العريق.