بين اللهم وآمين
مقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن من أهم الأذكار التي يجب على المسلم أن يحرص عليها، أن ينطق في دعائه بكلمتي “اللهم” و”آمين”، حيث أن لهما معنى ودلالة عميقة في الدعاء، والتي قد لا يعلمها الكثير.
أولاً: معنى اللهم:
1. اللهم: لفظة تدل على ما يلي:
– كلمة تدعو إلى التوحيد: فهي تدعو المسلم إلى توحيد الله تعالى، وإخلاص جميع العبادات لله وحده.
– كلمة تدل على التذلل والانكسار: فهي تدل على تواضع القلب وذل المسلم بين يدي الله تعالى.
– كلمة تدل على الرجاء: فهي تعبر عن طلب المسلم من الله تعالى أن يحقق مراده ويستجيب لدعائه.
2. النطق بلفظة اللهم:
– اللهم: يجب النطق بها في أول الدعاء، سواء دعا المرء لنفسه أو لغيره.
– أدلة النطق بلفظة اللهم: وهناك الكثير والكثير من الأدلة التي تحث المسلم على النطق بلفظة اللهم في بداية الدعاء، منها:
أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم -وهي كثيرة-، ومنها ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا سألت فأبدأ بالله، فقل: (اللهم يا رحمن يا رحيم يا كريم ارزقني كذا وكذا)”.
– أقوال الصحابة رضوان الله عليهم: فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يبدؤون دعاءهم بلفظة اللهم، وهذا يدل على أنهم كانوا يتبعون سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم.
3. ثمرات النطق بلفظة اللهم:
– النطق بلفظة اللهم في بداية الدعاء: يجعل الدعاء مستجاباً بإذن الله تعالى، وقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قال في دعائه: اللهم، ثلاث مرات، ثم دعا بخير استجيب له”.
– التعود على النطق بلفظة اللهم في بداية الدعاء: يقوي الإيمان بالله تعالى، ويوثق الصلة بين العبد وربه.
ثانياً: الفرق بين اللهم ويا الله:
1. اللهم: لفظة تدل على الدعاء، فهي تدعو المسلم إلى التوجه إلى الله تعالى بالدعاء والضراعة.
– يا الله: لفظة نداء، فهي تنادي على الله تعالى، وتدل على التعجب والتسبيح والحمد لله تعالى.
2. دلالات النطق باللفظتين:
– اللهم: لها دلالة إخضاع واستكانة، فهي تدل على أن المسلم خاضع لله تعالى ومتضرع إليه بالدعاء.
– يا الله: لها دلالة تعجب وحمد، فهي تدل على تعجب المسلم من عظمة الله تعالى وحمده على نعمه.
3. مواضع النطق باللفظتين:
– اللهم: ينطق بها المسلم في بداية الدعاء، وإذا أراد التضرع إلى الله تعالى والمسكنة بين يديه.
– يا الله: ينطق بها المسلم في غير الدعاء، وإذا أراد التعبير عن تعجبه من عظمة الله تعالى، أو شكره على نعمه، أو حمدة على فضله.
ثالثاً: حكم النطق بلفظة اللهم:
1. حكم النطق بلفظة اللهم:
– جمهور العلماء: يرون أنها سنة مستحبة، وليست واجبة.
– فريق من العلماء: يرى أن النطق بلفظة اللهم واجب.
– أدلة وجوب النطق بلفظة اللهم: واستدلوا على وجوب النطق بها بالأدلة التالية:
أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليقل: اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني”.
السنة العملية للنبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يبدأ دعاءه بلفظة اللهم.
2. حكم ترك النطق بلفظة اللهم:
– الجمهور: يرى أن ترك النطق بلفظة اللهم في الدعاء مكروه.
– فريق من العلماء: يرى أن ترك النطق بها معصية.
3. متى يسن النطق بلفظة اللهم؟
– يسن النطق بلفظة اللهم في الدعاء:
في جميع الأدعية المشروعة، سواء كانت أدعية يومية أو أدعية خاصة.
في الدعاء على الأعداء، والدعاء بالانتقام منهم.
رابعاً: النطق بلفظة اللهم في القرآن الكريم:
1. النطق بلفظة اللهم في القرآن الكريم:
– وردت لفظة اللهم في القرآن الكريم في أكثر من مائة موضع.
– مواضع النطق بلفظة اللهم في القرآن الكريم:
في الدعاء، كما في قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.
في الأمر بالدعاء، كما في قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا}.
في الإخبار عن دعاء الأنبياء والمرسلين، كما في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}