مقدمة
تفسير القرآن بالقرآن هو أحد أهم وأقدم طرق تفسير القرآن الكريم، وهو يعتمد على استخدام آيات القرآن الكريم نفسها لتفسير آيات أخرى، وذلك دون اللجوء إلى مصادر خارجية مثل السنة النبوية أو أقوال الصحابة والتابعين. وقد كان هذا الأسلوب هو الغالب في تفسير القرآن الكريم في القرون الأولى من الإسلام، إلا أنه لم يزل مستعملاً حتى يومنا هذا، بل إنه لا يزال يحتل مكانة مهمة في الدراسات القرآنية المعاصرة.
أهمية تفسير القرآن بالقرآن
هناك العديد من الفوائد والمزايا لتفسير القرآن بالقرآن، ومن أهمها:
التمسك بمنهج السلف: فقد كان السلف الصالح يعتمدون على هذا الأسلوب في التفسير، وكانوا يرون أنه أفضل السبل لفهم معاني القرآن الكريم.
عدم الخروج عن معاني القرآن الكريم: فعندما يتم تفسير القرآن بالقرآن، فإن ذلك يضمن عدم الخروج عن معاني القرآن الكريم، وذلك لأن الآيات القرآنية مترابطة ومتكاملة، وتفسر بعضها بعضًا.
الوصول إلى فهم أعمق لمعاني القرآن الكريم: فعندما يتم تفسير القرآن بالقرآن، فإن ذلك يساعد على الوصول إلى فهم أعمق لمعاني القرآن الكريم، وذلك لأن الآيات القرآنية توضح بعضها بعضًا، وتلقي الضوء على معاني بعضها البعض.
أنواع تفسير القرآن بالقرآن
هناك نوعان رئيسيان لتفسير القرآن بالقرآن، وهما:
التفسير المباشر: وهو أن يتم تفسير آية قرآنية بآية قرآنية أخرى تتناول نفس الموضوع أو القضية.
التفسير غير المباشر: وهو أن يتم تفسير آية قرآنية بآية قرآنية أخرى تتناول موضوعًا أو قضية مختلفة، ولكن يمكن الاستفادة منها في فهم معنى الآية الأولى.
قواعد تفسير القرآن بالقرآن
هناك مجموعة من القواعد التي يجب مراعاتها عند تفسير القرآن بالقرآن، ومن أهمها:
مراعاة السياق: يجب مراعاة السياق الذي وردت فيه الآية القرآنية عند تفسيرها، وذلك لأن السياق يساعد على فهم معناها بشكل أفضل.
مراعاة اللغة العربية: يجب مراعاة اللغة العربية عند تفسير القرآن الكريم، وذلك لأن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، وهي التي تحدد معاني الآيات القرآنية.
مراعاة أسباب النزول: يجب مراعاة أسباب النزول عند تفسير القرآن الكريم، وذلك لأن أسباب النزول تساعد على فهم معاني الآيات القرآنية بشكل أفضل.
أمثلة على تفسير القرآن بالقرآن
هناك العديد من الأمثلة على تفسير القرآن بالقرآن، ومن أهمها:
تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت: 41-42).
فقد فسر بعض المفسرين قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} بقوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الروم: 41). أي أن القرآن الكريم كتاب عزيز لا يمكن لأحد أن يبطله أو يحرفه، وذلك لأنه كتاب الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (الأنفال: 67).
فقد فسر بعض المفسرين قوله تعالى: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} بقوله تعالى: {وَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَن يَجْعَلَهُمْ شِرْكَةً مَا مَنَعَهُ مِنْكُمْ وَلَكِن لِيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَمَن كَفَرَ بِهَذَا الْيَوْمِ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} (الأنفال: 68). أي أن الله عز وجل قادر على أن يجعل الكفار شركاء للمسلمين في الغنائم، ولكنه لم يفعل ذلك حتى يمتحن المؤمنين ويميزهم عن الكافرين.
خاتمة
تفسير القرآن بالقرآن هو أحد أهم وأقدم طرق تفسير القرآن الكريم، وهو يعتمد على استخدام آيات القرآن الكريم نفسها لتفسير آيات أخرى، وذلك دون اللجوء إلى مصادر خارجية. وقد كان هذا الأسلوب هو الغالب في تفسير القرآن الكريم في القرون الأولى من الإسلام، إلا أنه لم يزل مستعملاً حتى يومنا هذا، بل إنه لا يزال يحتل مكانة مهمة في الدراسات القرآنية المعاصرة.