**مقدمة**
رمضان هو شهر الصوم والعبادة والتلاوة، والصيام ركن من أركان الإسلام الخمسة، وقد فرض الله عز وجل الصيام في السنة الثانية للهجرة النبوية، وهو شهر تغفر فيه الذنوب والخطايا لمن يصوم ويتعبد الله تعالى فيه، ويحصل فيه المسلم على أجر عظيم وثواب كبير، وللقرآن الكريم فضل كبير في رمضان، فهو شهر القرآن بامتياز، ويحرص المسلمون على تلاوته كاملاً في هذا الشهر، ولكن هل يجوز للحائض قراءة القرآن في رمضان؟ هذا ما سنتناوله في هذا المقال.
**هل يجوز للحائض قراءة القرآن في رمضان؟**
اختلف الفقهاء في حكم قراءة الحائض للقرآن الكريم في رمضان، فذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز للحائض قراءة القرآن في رمضان، واستدلوا على ذلك بعدد من الأدلة، منها:
* قول الله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]، وقالوا إن النهي عن قربان النساء الحائض يقتضي النهي عن كل ما فيه قربان لها، ومنه قراءة القرآن.
* قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا حاضت المرأة فلا تصم ولا تصلي ولا تقرأ القرآن”، وفي رواية أخرى: “إذا حاضت المرأة تركت الصلاة والصيام وقراءة القرآن”.
* إجماع الصحابة والتابعين على أن الحائض لا يجوز لها قراءة القرآن.
**الأدلة على جواز قراءة الحائض للقرآن:**
وذهب بعض الفقهاء إلى أنه يجوز للحائض قراءة القرآن في رمضان، واستدلوا على ذلك بعدد من الأدلة، منها:
* عموم أدلة الأمر بقراءة القرآن، كقول الله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} [المزمل: 4]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “اقرءوا القرآن فإنه شفيع لأصحابه يوم القيامة”، وقوله: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”.
* عدم وجود نص صريح يمنع الحائض من قراءة القرآن، فالأحاديث التي وردت في هذا الباب ضعيفة لا يصح الاحتجاج بها.
* إجماع أهل العلم على أن الحائض يجوز لها أن تسمع القرآن، فإذا كان يجوز لها سماعه فمن باب أولى أن يجوز لها قراءته.
**الراجح في المسألة:**
الراجح في المسألة هو القول بجواز قراءة الحائض للقرآن في رمضان، وذلك للأدلة التي ذكرناها سابقاً، ولأن قراءة القرآن عبادة من العبادات التي لا يمنع منها الحيض، كما أن قراءة القرآن لا تقتضي قرباناً من المرأة الحائض، فهي لا تمسه ولا تلمسه، وإنما تقرأه من المصحف أو من جهاز إلكتروني.
**الآثار المترتبة على قراءة الحائض للقرآن:**
إن قراءة الحائض للقرآن لا تترتب عليها أي آثار سلبية، بل على العكس من ذلك، فإن لها آثاراً إيجابية عديدة، منها:
* زيادة الإيمان والتقوى.
* صفاء القلب والروح.
* طرد الشياطين والأفكار السيئة.
* الرزق والبركة.
* رفع الدرجات في الجنة.
**أداب قراءة القرآن للحائض:**
إذا أرادت الحائض قراءة القرآن في رمضان، فعليها أن تتبع الآداب التالية:
* أن تكون على طهارة من الحدث الأصغر والأكبر.
* أن تكون ساترة لعورتها.
* أن تقرأ القرآن بصوت خافت لا يسمعه أحد غيرها.
* أن لا تمس المصحف ولا تلمسه.
* أن لا تقرأ القرآن وهي في حالة حيض شديد.
**الخاتمة:**
نخلص مما سبق إلى أن قراءة الحائض للقرآن في رمضان جائزة شرعاً، ولا يترتب عليها أي آثار سلبية، بل لها آثار إيجابية عديدة، وأن الحائض إذا أرادت قراءة القرآن فعليها أن تتبع الآداب التي ذكرناها سابقاً.