مقدمة
الإمام الشافعي هو أحد الأئمة الأربعة في الفقه الإسلامي، وقد اشتهر بذكائه وفصاحته وبلاغته، كما كان شاعراً مفوهًا، ترك لنا ديواناً من الشعر يضم أكثر من 1000 بيت، تغطي مجموعة واسعة من الموضوعات، بما في ذلك الحب والغزل، والمدح والرثاء، والحكمة والموعظة، والزهد والتصوف.
1. شعر الحب والغزل:
تغزل الإمام الشافعي في المرأة ووصف جمالها ودلالها، كما عبر عن مشاعر الحب والعشق التي كان يكنها لها.
من أشهر أبياته في الغزل قوله:
> أحبك حبين حب الهوى
> وحبًا لأنك أهل لذاكا
> فأما الذي هو حب الهوى
> فشغل لبالي وهيجان أشواكا
> وأما الذي أنت أهل له
> فكشف حجاب وغفران زلات
كما قال أيضًا:
> أقول وقد ناحت حمام المطالع
> فأحزنني نحيبهن البواكي
> وجدت الهوى حلوًا لمن ذاق طعمه
> وذاق مرارة فقده فهو ذاكي
2. شعر المدح والرثاء:
مدح الإمام الشافعي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، كما رثاهم عندما توفوا.
من أشهر أبياته في المدح قوله:
> يا أطيب الخلق ثناءً عندنا
> وأجلّهم قدرًا وأعظمهم شأنًا
> محمد المبعوث رحمة للورى
> وبابهم المفتوح عند الطلبان
كما قال أيضًا:
> من ذا الذي يبكي على الإسلام بعدما
> مات الشفيق ومات من يدعو له
> مات ابن عبد الله أحمد ناصر
> دين النبي على العباد على الورى
3. شعر الحكمة والموعظة:
عبر الإمام الشافعي في شعره عن حكمه ومواعظه، ودعا الناس إلى التمسك بالتقوى والعمل الصالح.
من أشهر أبياته في الحكمة قوله:
> إِذا كُنتَ ذا علمٍ بلا عَملٍ
> فأنت كصاحب زرع بلا حَصْدِ
> وإن كُنتَ ذا عَملٍ بلا عِلمٍ
> فأنت كباني دارٍ بلا أسدِ
كما قال أيضًا:
> إذا المرء لم يرضَ بما قسم الله له
> ولم يشكر الرحمن فيما أتاهُ
> تمر به الأرزاق وهو كأنه
> أسير عُقِد في الحديد بلاياه
4. شعر الزهد والتصوف:
ترك الإمام الشافعي زخارف الدنيا وملذاتها، وتفرغ للعبادة والزهد في الدنيا.
من أشهر أبياته في الزهد قوله:
> وَقَدْ زَهِدْتُ في الدُّنْيَا وَجِدِّهَا
> وَما لَهَا وَلَكِنْ لِلَّهِ أَعْبُدُهُ
> وَأَحْمَدُهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيَّ
> وَهُوَ لِكُلِّ دَاءٍ شَافِيَهْ
كما قال أيضًا:
> فَوَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا بِدَارِ إِقَامَةٍ
> وَلَا لَهْوِهَا بَاقٍ وَلَا لِذَّاتِهَا
> وَأَعْجَبُ مِنْهَا أَنَّهَا تَغْرُرُ عَبْدًا
> وَهُوَ يَرَى مِنْهَا اللَّيَالِي وَالسَّاعَاتِ
5. شعر الفخر والشجاعة:
كان الإمام الشافعي شجاعًا مقدامًا، لا يهاب الموت في سبيل الحق.
من أشهر أبياته في الفخر قوله:
> إِذَا سُئِلْتُ عَنْ نَفْسِي فَإِنَّنِي
> إِلَى اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مُفَوِّضُهْ
> وَإِنْ سَأَلُوا عَنْ خُلُقِي فَإِنَّنِي
> إِلَى اللَّهِ فِي خُلُقِي لَهُ مُتَوَضِّعُهْ
كما قال أيضًا:
> وَإِنَّنِي إِنْ لَمْ أُنَصَّرْ فَإِنَّ لِي
> عَنَ اللَّهِ نَصْرًا لَيْسَ بِمُتَوَهِّمِهْ
> وَلَسْتُ بِمَحْفُوفٍ بِغَيْرِ إِلَهِنَا
> وَلَسْتُ بِمَنْسِيٍّ فِي الدَّارِ بِالْمُتَوَهِّمِهْ
6. شعر الرثاء:
رثى الإمام الشافعي نفسه قبل وفاته، كما رثى أقاربه وأصحابه ومن مات من العلماء والمشاهير.
من أشهر أبياته في الرثاء قوله:
> وَإِنْ كَانَ قَدْ مَاتَ الْفَتَى فَسَيَرْثُهُ
> بِمَا كَانَ يَعْمَلُهُ مِنَ الْخَيْرِ ذَا الْعَجَلِ
> فَفِي هَذِهِ الدَّارِ الْفَنَاءِ بِقَاءُهُ
> وَلَيْسَ بِمَيِّتٍ وَلَكِنْ بِمُنْتَقِلِ
كما قال أيضًا:
> وَإِنْ كَانَ قَدْ مَاتَ الْفَتَى لَمْ يَكُنْ هُوَ
> بِمَيِّتٍ وَلَكِنْ لَحِقَ بِالْمُتَقَدِّمِهْ
> فَإِنَّ الْمَنَايَا لَا تُبَقِّي وَاحِدًا
> وَلَا تَدَعُ أَحَدًا سِوَى الْقَدِيمِ الْأَزَلِ
7. شعر المناسبات:
نظم الإمام الشافعي شعرًا في مناسبات مختلفة، مثل الأعياد والمواسم الدينية، وكذلك في الأحداث السياسية والاجتماعية التي وقعت في عصره.
من أشهر أبياته في المناسبات قوله:
> حَلَّتْ علينا عيدٌ سَعيدٌ
> وَجَاءَ مِنْ شَعْبَانَ لَيْلٌ بَدِيعٌ
> فَأَلْبَسَ اللَّيْلَ السُّرُورَ وَزِينَهُ
> وَجَمَعَ الشَّامِلَ بَيْنَهُ وَالْمَصِيعُ
كما قال أيضًا:
> يَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ الَّتِي أَنْزَلَ فِيهَا
> الْقُرْآنُ مِنْ عِنْدِ الْعَلِيِّ الْكَرِيمِ
> تَحْيَاتُ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَيْكُمَا
> مَا دَامَ فِيكُمَا الْهُدَى وَالنُّعِيمُ
خاتمة
يعتبر شعر الإمام الشافعي من أهم وأشهر الأشعار العربية، وقد ترك بصمة لا تمحى في تاريخ الشعر العربي، فقد كان شاعراً مفوهًا، يتميز شعره بالعمق والحكمة والبلاغة، وقد حظي شعره بإعجاب الكثير من النقاد والعلماء والأدباء على مر العصور.