اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة إسلام ويب

المدخل:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن من أعظم العبادات وأجل القربات اللجوء إلى الله والدعاء والابتهال إليه، وطلب حاجتنا منه، فإن الله سبحانه وتعالى هو الغني الحميد المجيب، وهو القائل في كتابه العزيز: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} [البقرة: 186].

مظاهر استجابة الله للدعاء:

1. الاستجابة العاجلة:

– قد يستجيب الله سبحانه وتعالى للدعاء في الحال، كما حدث مع النبي سليمان عليه السلام عندما دعا ربه قائلاً: {رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي} [ص: 35]، فاستجاب الله دعاءه وآتاه ملكاً عظيماً.

– وفي قصة سيدنا موسى عليه السلام عندما دعا ربه قائلاً: {رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري} [طه: 25-26]، فاستجاب الله دعاءه ويسر له أمره.

2. الاستجابة المؤجلة:

– قد يستجيب الله سبحانه وتعالى للدعاء بعد فترة من الزمن، كما حدث مع سيدنا زكريا عليه السلام عندما دعا ربه قائلاً: {رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين} [الأنبياء: 89]، فاستجاب الله دعاءه ورزقه بيحيى عليه السلام بعد طول انتظار.

– وفي قصة سيدنا يوسف عليه السلام عندما دعا ربه قائلاً: {رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه} [يوسف: 33]، فاستجاب الله دعاءه وأبقى في السجن حتى عرف براءته.

3. الاستجابة على غير ما يشتهي الداعي:

– قد يستجيب الله سبحانه وتعالى للدعاء على غير ما يشتهي الداعي، كما حدث مع سيدنا موسى عليه السلام عندما دعا ربه قائلاً: {رب أرني أنظر إليك} [الأعراف: 143]، فاستجاب الله دعاءه وأراه تجليه الأعظم، لكنه لم يتحمل ذلك وتوفاه الله.

– وفي قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما دعا ربه قائلاً: {رب هب لي من الصالحين} [الصافات: 100]، فاستجاب الله دعاءه ورزقه إسماعيل وإسحاق عليهما السلام، لكنهما ابتليا بعد ذلك بالذبح.

4. عدم الاستجابة:

– قد لا يستجيب الله سبحانه وتعالى للدعاء لأسباب كثيرة، منها:

– أن يكون الدعاء محرماً، مثل الدعاء على المسلمين أو الدعاء بالشر.

– أن يكون الدعاء فيه إلحاح وإصرار، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم” [رواه مسلم].

– أن يكون الداعي مبتعداً عن طاعة الله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الدعاء مردود حتى يستجاب له عبد مسلم تقي” [رواه أحمد].

شروط استجابة الدعاء:

1. الإخلاص لله تعالى:

– يجب أن يكون الداعي مخلصاً في دعائه لله وحده، لا يشرك به أحداً، ولا يقصد بعبادته إلا إرضاء الله تعالى.

2. الحضور والتضرع:

– يجب أن يكون الداعي حاضراً بق قلبه وعقله، وأن يتضرع لله تعالى ويتذلل له ويرجو إجابته لدعائه.

3. الاستغفار والتوكل على الله:

– يجب أن يستغفر الداعي ربه على ذنوبه قبل الدعاء، وأن يتوكل عليه ويعتمد عليه في تحقيق دعائه.

4. الابتعاد عن المحرمات:

– يجب أن يبتعد الداعي عن المحرمات والآثام، وأن يكون على طاعة الله تعالى في أقواله وأفعاله.

5. الإلحاح في الدعاء:

– يجب أن يلج الداعي في دعائه ولا ييأس من إجابة الله تعالى، وأن يكرر دعاءه مرة بعد مرة.

6. دعاء الأخوة والملائكة:

– يستحب أن يدعو المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب، وأن تدعو الملائكة للمسلمين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم” [رواه الترمذي].

7. الدعاء في أوقات وأماكن مستحبة:

– يستحب للمسلم أن يدعو الله تعالى في أوقات وأماكن مستحبة، مثل: وقت السحر، وبين الأذان والإقامة، وفي الثلث الأخير من الليل، وفي يوم الجمعة.

آداب الدعاء:

1. البدء بالحمد والثناء على الله:

– يستحب للمسلم أن يبدأ دعاءه بالحمد والثناء على الله تعالى، وأن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.

2. الدعاء بالأسماء الحسنى:

– يستحب للمسلم أن يدعو الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن لله تسعة وتسعين اسماً، من دعا بها دخل الجنة” [رواه البخاري].

3. الدعاء بصيغة الجمع:

– يستحب للمسلم أن يدعو بصيغة الجمع، أي أن يدعو لنفسه وللمسلمين جميعاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الدعاء للمؤمن للمؤمن في ظهر الغيب مستجاب، عند رأسه ملك موكل، كلما دعا لأخيه بخير قال الملك: آمين ولك بمثل” [رواه مسلم].

4. الدعاء بصوت خافت:

– يستحب للمسلم أن يدعو بصوت خافت، لا يرفع صوته بالدعاء حتى لا يلفت الأنظار إليه.

5. الخشوع والتذلل:

– يستحب للمسلم أن يكون خاشعاً متذللاً عند الدعاء، وأن يرفع يديه إلى السماء.

6. الدعاء بالإلحاح:

– يستحب للمسلم أن يلج في دعائه، وأن يكرر دعاءه مرة بعد مرة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب الملحين في الدعاء” [رواه الترمذي].

7. الدعاء بظهر الغيب:

– يستحب للمسلم أن يدعو لأخيه المسلم بظهر الغيب، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم” [رواه الترمذي].

الخاتمة:

الدعاء من أهم العبادات وأعظم القربات إلى الله تعالى، وهو سلاح المؤمن الذي لا ينقطع أبداً، فينبغي للمسلم أن يكثر من الدعاء لله تعالى في كل أموره، وأن يتضرع إليه ويتذلل له ويرجو إجابته لدعائه، فالله سبحانه وتعالى هو القريب المجيب، وهو الذي قال في كتابه العزيز: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} [البقرة: 186].

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *