مقدمة
يعد القرآن الكريم معجزة خالدة، وقد اشتمل على الكثير من الأقوال والقصص التي تحتوي على حكم ومواعظ وعبر، بالإضافة إلى الإعجاز البلاغي واللغوي. ومن بين الأقوال التي وردت في القرآن الكريم، هناك ما يُعرف بـ”الأمثال”، وهي أقوال قصيرة وحكيمة، تُستخدم لتوضيح فكرة أو إيصال رسالة معينة.
وفي هذا المقال، سنستعرض بعض الأمثال من القرآن الكريم، مع شرح موجز لمعانيها ودلالاتها.
1. مثل الزرع
قال تعالى: “وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ” (إبراهيم: 24-25).
يشبه الله تعالى الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة، التي لها أصل ثابت في الأرض وفرعها في السماء.
تُؤتي الشجرة الطيبة ثمارها في كل وقت بإذن ربها، وكذلك الكلمة الطيبة تُثمر الخير والبركة في حياة صاحبها وفي حياة الآخرين.
يضرب الله تعالى هذا المثل للناس لكي يتذكروا أهمية الكلمة الطيبة، ودورها في إصلاح ذات البين ونشر المحبة والوئام بين الناس.
2. مثل السماء والأرض
قال تعالى: “اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ” (لقمان: 10).
يصف الله تعالى في هذه الآية قدرته وعظمته، وذلك من خلال وصفه للسماء والأرض.
يقول الله تعالى أنه رفع السماوات بدون عمد تُرى، مما يدل على عظمته وقدرته.
كما ألقى في الأرض رواسي، وهي الجبال، حتى لا تميد الأرض بأهلها، مما يدل على حكمته ورحمته.
3. مثل النور والظلمة
قال تعالى: “اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ” (النور: 35).
يشبه الله تعالى ذاته بالنور، ويقول أن نوره يضيء السماوات والأرض.
ويضرب الله تعالى مثلاً لنوره، فيقول أن مثله مثل مصباح في مشكاة، والمشكاة هي المكان الذي يُوضع فيه المصباح.
والمصباح في هذا المثل يمثل رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي يضيء قلوب المؤمنين بنور الإيمان والهداية.
4. مثل الجنة والنار
قال تعالى: “مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الْفَاكِهَةِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ” (محمد: 15).
يصف الله تعالى الجنة في هذه الآية بأنها مكان فيه أنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى.
كما أن في الجنة من كل الفاكهة، ومغفرة من ربهم.
ويضرب الله تعالى مثلاً للجنة والنار، فيقول أن مثل الجنة كمثل شخص خالد في النار، يسقى ماءً حارًا يُقطِّع أمعاءه.
5. مثل المؤمن والكافر
قال تعالى: “مَثَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَالَّذِينَ كَفَرُوا مَثَلُهُمْ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ” (إبراهيم: 24-25).
يشبه الله تعالى المؤمنين بالشجرة الطيبة، التي لها أصل ثابت في الأرض وفرعها في السماء.
وتُؤتي الشجرة الطيبة ثمارها في كل وقت بإذن ربها، وكذلك المؤمن يُثمر الخير والبركة في حياة صاحبها وفي حياة الآخرين.
أما الكافرون، فيشبههم الله تعالى بالشجرة الخبيثة، التي اجتُثَّت من فوق الأرض، وليس لها من قرار.
6. مثل الغيث والمطر
قال تعالى: “وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ” (فصلت: 39).
يصف الله تعالى في هذه الآية قدرته وعظمته، وذلك من خلال وصفه للمطر والغيث.
يقول الله تعالى أنه أنزل من السماء ماءً، فأحيا به الأرض بعد موتها.
وفي ذلك عبرة عظيمة لقوم يسمعون، فالله تعالى قادر على إحياء الأرض الميتة، كما أنه قادر على إحياء القلوب الميتة بالإيمان والهداية.