تُعد البنيوية منهجاً نقدياً وفلسفياً يُركز على دراسة العلاقات بين عناصر النص الأدبي أو الفكري. وقد نشأ هذا المنهج في منتصف القرن العشرين، وانتشر على نطاق واسع في مجالات الأدب والنقد الأدبي والأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة. وقد ترك المنهج البنيوي أثراً كبيراً على الفكر النقدي المعاصر، ولا يزال يُستخدم حتى اليوم في تحليل النصوص الأدبية والفكرية.
تطور المنهج البنيوي
نشأ المنهج البنيوي في منتصف القرن العشرين، وكان من رواده فرديناند دي سوسور ورومان ياكوبسون ونورتروب فراي وكلود ليفي شتراوس. وقد تأثر المنهج البنيوي بعدد من التيارات الفكرية الأخرى، بما في ذلك علم اللغة والفلسفة الوضعية وعلم الاجتماع الوظيفي.
مبادئ المنهج البنيوي
يقوم المنهج البنيوي على عدد من المبادئ الأساسية، أهمها:
التركيز على دراسة العلاقات بين عناصر النص الأدبي أو الفكري، وليس على دراسة العناصر نفسها بشكل منفصل.
اعتبار النص الأدبي أو الفكري نظاماً متكاملاً، يتكون من عناصر مترابطة ومتفاعلة مع بعضها البعض.
التأكيد على موضوعية البحث الأدبي والنقدي، وعدم الاعتماد على الأحكام الذوقية الشخصية.
مستويات التحليل البنيوي
يقوم المنهج البنيوي بتحليل النص الأدبي أو الفكري على عدة مستويات، أهمها:
المستوى الصوتي: ويُعنى بدراسة أصوات اللغة التي يتكون منها النص، وكيفية ترتيب هذه الأصوات في الكلمات والجمل.
المستوى الصرفي: ويُعنى بدراسة الكلمات، وكيفية تكوينها من الجذور واللاحقات والبادئات.
المستوى النحوي: ويُعنى بدراسة الجمل، وكيفية تركيب الكلمات مع بعضها البعض لتكوين جمل صحيحة.
المستوى الدلالي: ويُعنى بدراسة معاني الكلمات والجمل والنصوص.
تطبيقات المنهج البنيوي
لقد تم تطبيق المنهج البنيوي في تحليل العديد من النصوص الأدبية والفكرية، وقد حقق نتائج إيجابية كبيرة. ومن أهم التطبيقات الناجحة للمنهج البنيوي في تحليل النصوص الأدبية ما يلي:
تحليل رواية “المحاكمة” لكافكا.
تحليل مسرحية “في انتظار غودو” لبكيت.
تحليل قصيدة “الأرض الخراب” لت. س. إليوت.
نقد المنهج البنيوي
على الرغم من الإنجازات الكبيرة التي حققها المنهج البنيوي في تحليل النصوص الأدبية والفكرية، إلا أنه تعرض لانتقادات عديدة، أهمها:
التركيز المفرط على دراسة العلاقات بين عناصر النص الأدبي أو الفكري، وإهمال دراسة العناصر نفسها بشكل منفصل.
اعتبار النص الأدبي أو الفكري نظاماً مغلقاً، ولا يمكن فهمه إلا من خلال دراسة العلاقات الداخلية بين عناصره.
تجاهل السياق الاجتماعي والتاريخي الذي أنتج فيه النص الأدبي أو الفكري.
خاتمة
لقد ترك المنهج البنيوي أثراً كبيراً على الفكر النقدي المعاصر، ولا يزال يُستخدم حتى اليوم في تحليل النصوص الأدبية والفكرية. وقد حقق المنهج البنيوي نجاحاً كبيراً في تحليل العديد من النصوص الأدبية والفكرية، إلا أنه تعرض لانتقادات عديدة أيضاً. ومع ذلك، لا تزال البنيوية تُعد أحد أهم المناهج النقدية المعاصرة، ولا يمكن تجاهل تأثيرها على الفكر النقدي الحديث.