No images found for أمثلة عن التشبيه المجمل من القرآن الكريم
مقدمة:
يغتني القرآن الكريم بالعديد من أساليب البلاغة التي ساهمت في إعجازه وتفرد أسلوبه، ومن هذه الأساليب التشبيه المجمل، وهو من أنواع التشبيه التي يكتفي فيها المشبه به بالذكر دون وصفه وصفًا مفصلًا، مما يترك مجالًا واسعًا للمتلقي كي يتخيل المشبه على نحو أفضل ويستمد منه دلالات عميقة.
1. عظمة الله في التشبيه المجمل:
في سورة الرعد، يشبّه القرآن عظمة الله بقوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الرعد: 2].
يكتفي التشبيه بذكر المشبه به “قبضة” و”يمين” دون وصفهما وصفًا مفصلًا، مما يترك للمتلقي مجالًا واسعًا كي يتخيل عظمة الله وقدرته من خلال هذه الصور البليغة.
يبين التشبيه أن عظمة الله تتجاوز قدرة العقل البشري على الإدراك، ويعزز ذلك من إحساس المؤمن بالخشوع والتسليم لله.
2. جمال الجنة في التشبيه المجمل:
في سورة الرحمن، يشبّه القرآن جمال الجنة بقوله: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ فَوْزُ الْعُظْمَى} [الرحمن: 11].
يكتفي التشبيه بذكر “ال أنهار تجري من تحتها” دون وصفها وصفًا مفصلًا، مما يترك للمتلقي مجالًا واسعًا كي يتخيل جمال الجنان ومدى متعتها.
يعزز التشبيه من رغبة المؤمن في الوصول إلى الجنة والعمل الصالح من أجل الفوز بها.
3. بشاعة النار في التشبيه المجمل:
في سورة المدثر، يشبّه القرآن بشاعة النار بقوله: {يَوْمَ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ وَحِينَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} [المدثر: 39].
يكتفي التشبيه بذكر “تسجر جهنم” دون وصفها وصفًا مفصلًا، مما يترك للمتلقي مجالًا واسعًا كي يتخيل بشاعة النار وعذابها.
يهدف التشبيه إلى تحذير الإنسان من عاقبة الذنوب والمعاصي التي تقوده إلى النار، وبالتالي تشجيعه على فعل الخير والابتعاد عن المنكرات.
4. دقة الصنعة الإلهية في التشبيه المجمل:
في سورة الذاريات، يشبّه القرآن دقة الصنعة الإلهية بقوله: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَنْعَامِ كَيْفَ تُخْلَقُ ثُمَّ يَصِيرُونَ مُذْلِلِينَ} [الذاريات: 43].
يكتفي التشبيه بذكر “تخلق الأنعام” دون وصفها وصفًا مفصلًا، مما يترك للمتلقي مجالًا واسعًا كي يتخيل مدى دقة الصنعة الإلهية في خلق الحيوانات.
يبين التشبيه أن الله هو الخالق العليم الذي صنع الكون بدقة متناهية، مما يدعو الإنسان إلى التأمل والتسبيح لله.
5. سرعة الزمن في التشبيه المجمل:
في سورة العصر، يشبّه القرآن سرعة الزمن بقوله: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ } [العصر: 1].
يكتفي التشبيه بذكر أقصر وحدة زمنية وهي “العصر” دون وصفها وصفًا مفصلًا، مما يترك للمتلقي مجالًا واسعًا كي يتخيل مدى سرعة الزمن وضرورة اغتنامه في عمل الخير.
يهدف التشبيه إلى تحذير الإنسان من إضاعة الوقت وحثه على الاستفادة منه فيما ينفع في الدنيا والآخرة.
6. قوة الإيمان في التشبيه المجمل:
في سورة ابراهيم، يشبّه القرآن قوة الإيمان بقوله: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 260].
يكتفي التشبيه بذكر “إحياء الموتى” دون وصفها وصفًا مفصلًا، مما يترك للمتلقي مجالًا واسعًا كي يتخيل مدى قوة الإيمان الذي يجعل الإنسان يطلب من الله إحياء الموتى.
يهدف التشبيه إلى بيان أهمية الإيمان ودوره في إثبات قدرة الله على كل شيء.
7. شرف الإنسان في التشبيه المجمل:
في سورة الإسراء، يشبّه القرآن شرف الإنسان بقوله: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70].
يكتفي التشبيه بذكر “التكريم” دون وصفه وصفًا مفصلًا، مما يترك للمتلقي مجالًا واسعًا كي يتخيل مدى شرف الإنسان ومكانته المتميزة بين مخلوقات الله.
يهدف التشبيه إلى تذكير الإنسان بقيمته ومكانته العالية، وبالتالي تحفيزه على حفظ نفسه وصون كرامته.
الخلاصة:
التشبيه المجمل أسلوب بلاغي رائع استخدمه القرآن الكريم لإبراز المعاني وإثراء النص القرآني، وقد تنوعت وتعددت صور التشبيه المجمل في القرآن الكريم، مما يدل على ثراء اللغة العربية وبلاغتها. وقد أسهم هذا الأسلوب البلاغي في زيادة التأثير والتأثير في النفوس، وإثارة المشاعر والأحاسيس.