المقدمة
إن من أسماء الله الحسنى “المجيب”، وهو الذي يجيب دعوة الداعين، ويكشف كرب المكروبين، وينجي المستضعفين، ولا يخيب من التجأ إليه. ومن أعظم مظاهر إجابة الله لعباده المضطرين أن ينجيهم من كربهم، ويكشف عنهم ضرهم، ويلبي حاجاتهم.
لقد وردت في القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة الكثير من النصوص التي تؤكد على إجابة الله لعباده المضطرين، ومن ذلك قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]. وقوله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]. كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “الدعاء هو العبادة”.
مظاهر إجابة الله للمضطرين
هناك الكثير من مظاهر إجابة الله لعباده المضطرين، ومنها:
النجاة من الكرب والشدائد: فالله تعالى ينجي عباده من الكرب والشدائد التي يصابون بها، سواء كانت كروبًا نفسية أو جسدية أو مادية.
كشف الضر: الله تعالى يكشف الضر عن عباده، ويزيل عنهم ما يؤلمهم ويحزنهم.
استجابة الدعاء: الله تعالى يستجيب دعاء عباده الذين يدعونه مخلصين، ويجيب طلباتهم واحتياجاتهم.
قضاء الحوائج: الله تعالى يقضي حوائج عباده الذين يتوكلون عليه، ويسخر لهم الأسباب التي تحقق لهم ما يريدون.
تيسير الأمور: الله تعالى ييسر أمور عباده الذين يطلبون منه التيسير، ويزيل عنهم العوائق والصعوبات.
غفران الذنوب: الله تعالى يغفر ذنوب عباده الذين يستغفرونه ويتوبون إليه، ويمحو سيئاتهم ويزيدهم حسنات.
دخول الجنة: الله تعالى يدخل عباده الذين آمنوا به وعملوا الصالحات إلى جنته، ويثيبهم فيها على ما قدموا من أعمال صالحة.
شروط إجابة الدعاء
هناك بعض الشروط التي يجب أن تتوفر في الدعاء حتى يكون مقبولاً عند الله تعالى ويستجاب، منها:
الإخلاص لله تعالى: أن يكون الدعاء خالصًا لله تعالى وحده، لا يُشرك معه أحدًا آخر.
اليقين بالإجابة: أن يكون الداعي موقنًا بإجابة دعائه، ولا يشك في ذلك.
الالحاح في الدعاء: أن يلح الداعي في دعائه، ويكرره باستمرار حتى يستجاب له.
الدعاء بما فيه الخير: أن يدعو الداعي بما فيه الخير له ولغيره، ولا يدعو بما فيه شر أو ضرر.
الدعاء بأسماء الله الحسنى وصفاته العليا: أن يدعو الداعي الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، فإن ذلك من أسباب إجابة الدعاء.
الدعاء في الأوقات الفاضلة: أن يدعو الداعي في الأوقات الفاضلة، مثل الثلث الأخير من الليل، ويوم الجمعة، وعند نزول المطر، وغيرها من الأوقات التي ورد فيها فضل الدعاء.
الدعاء بآداب الدعاء: أن يدعو الداعي بآداب الدعاء، مثل رفع اليدين، والتوجه إلى القبلة، والتذلل لله تعالى، وغيرها من آداب الدعاء.
كيف يدعو المضطر ربه
إذا أصاب المرء كرب أو شدة، فعليه أن يدعو ربه مخلصًا، واثقًا بإجابته، ملحًا في دعائه، داعيًا بما فيه الخير له ولغيره، داعيًا بأسماء الله الحسنى وصفاته العليا، داعيًا في الأوقات الفاضلة، داعيًا بآداب الدعاء.
الدعاء في القرآن الكريم
ورد في القرآن الكريم الكثير من الأدعية التي يمكن للمضطر أن يدعو بها ربه، منها:
دعاء ذي النون: {وَنُوحًا إِذْ نَادَى فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} [الأنبياء: 76].
دعاء أيوب: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83].
دعاء موسى: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طه: 25-28].
دعاء الخضر: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [الكهف: 60].
دعاء إبراهيم: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: 100].
الدعاء في السنة النبوية
ورد في السنة النبوية الكثير من الأدعية التي يمكن للمضطر أن يدعو بها ربه، منها:
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عند الكرب: “اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال”.
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عند الشدة: “اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلًا، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً”.
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول البلاء: “اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك”.
الختام
إن الدعاء من أعظم العبادات، وهو من أقوى الأسباب لجلب الخير ودفع الشر. وقد وعد الله تعالى عباده المستضعفين والمضطرين بالإجابة، فمن دعاه مخلصًا واثقًا بإجابته، أجاب دعاءه وكشف كربه ونجاه من شدته.