المقدمة:
الزهد في الدنيا هو ترك التعلق بها والانصراف عنها إلى الآخرة، وقد حث الإسلام على الزهد في الدنيا والاقتصار على ما يكفي منها، ففي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم: ” الدنيا متاع والآخرة هي دار القرار”، وقد قال بعض الحكماء: “الدنيا دنيئة، والآخرة عالية، فمن طلب الدنيئة ترك العالية”.
الزهد في الدنيا يجعل القلب خاشعًا لله:
1. عندما ينشغل القلب بالدنيا، فإنه يبتعد عن الله تعالى، أما عندما يزهد الإنسان في الدنيا، فإن قلبه يصبح خاشعًا لله تعالى، متوجهًا إليه وحده.
2. قال الله تعالى في سورة غافر: “وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا”، فالسجود والقيام من أعظم العبادات التي تقرب العبد من ربه، وهي دليل على خضوع القلب لله تعالى.
3. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “أفضل العبادة الإخلاص لله ومجانبة الشرك به”، فالزهد في الدنيا هو دليل على الإخلاص لله تعالى، ومجانبة الشرك به، فالمخلص لله تعالى لا يخشى أحدًا سواه، ولا يرجو أحدًا سواه.
الزهد في الدنيا يجعل القلب غنيًا:
1. قال الله تعالى في سورة فاطر: “وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا”، فالإنسان الذي يزهد في الدنيا ويسعى للآخرة، فإن جهده وتعبده مشكور عند الله تعالى، ومثاب عليه في الآخرة.
2. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا يكن هم أحدكم إلا الآخرة، فإنه لن ينقص من أجله شيء، فإن لم يدركه أجله، فإنه سيبقى غنيًا، وإن أدركه أجله، فقد قدم لنفسه”، فالزهد في الدنيا يجعل الإنسان غنيًا عن الناس، ولا يحتاج إلى أحد سوى الله تعالى.
3. قال بعض الحكماء: “الدنيا فانية، والآخرة باقية، فمن باع الفانية بالباقية فقد ربح”، فبذل الدنيا في سبيل الآخرة هو ربح كبير، ومكسب عظيم لا يقدر بثمن.
الزهد في الدنيا يجعل الإنسان حرًا:
1. قال الله تعالى في سورة الزمر: “أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ”، فالزهد في الدنيا يجعل الإنسان على بينة من ربه، ويعينه على اتباع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
2. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “أفضل الجهاد من جاهد نفسه”، فالجهاد الأكبر هو جهاد النفس، وهذا الجهاد لا يتحقق إلا بالزهد في الدنيا، وترك هواها وشهواتها.
3. قال بعض الحكماء: “من زهد في الدنيا، ملك الدنيا والآخرة، ومن رغب في الدنيا، فاته الدنيا والآخرة”، فالإنسان الذي يزهد في الدنيا يملكها ملكًا حقيقيًا، لأنها تكون تحت قدميه، وليس هو تحت قدميها، أما من رغب في الدنيا، فإنها تفوته، لأنه يكون عبدًا لها.
الزهد في الدنيا يقرب العبد من ربه:
1. قال الله تعالى في سورة الشورى: “فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا”، فالزهد في الدنيا هو عمل صالح يقرب العبد من ربه، وهو دليل على رجائه لقاء ربه.
2. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من زهد في الدنيا أراح قلبه وجسده، ومن رغب في الدنيا أتعب قلبه وجسده”، فالزهد في الدنيا يريح القلب والجسد، لأنه يجعلهما في راحة واطمئنان، أما الرغبة في الدنيا تتعب القلب والجسد، لأنها تجعلهما في قلق واضطراب.
3. قال بعض الحكماء: “الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر”، فالمؤمن الذي يزهد في الدنيا يعتبرها سجنًا له، لأنها تحجبه عن ربه، أما الكافر الذي يرغب في الدنيا يعتبرها جنة له، لأنها تحقق له شهواته ورغباته.
الزهد في الدنيا يجعل العبد صالحًا في دينه:
1. قال الله تعالى في سورة الفرقان: “وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا”، فعباد الرحمن هم الذين يزهدون في الدنيا ويمشون على الأرض هونًا، أي بتواضع وخشوع، ولا يتكبرون على أحد.
2. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من زهد في الدنيا زاد في دينه”، فالإنسان الذي يزهد في الدنيا يزداد في دينه، لأنه يكثر من العبادات، ويتفرغ لطاعة الله تعالى.
3. قال بعض الحكماء: “الدنيا نار، فمن زهد فيها نجا منها، ومن رغب فيها احترق بها”، فالدني