الخطبة الأخيرة في رمضان: وداعاً لشهر المغفرة والرحمة
المقدمة:
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أيها المسلمون، قد أظلنا شهر رمضان المبارك وأوشك أن يفارقنا، ولعلنا قد اغتنمنا فرصة هذه الأيام الفضيلة بالطاعات والقربات، فاجتهدنا في الصيام والقيام وتلاوة القرآن الكريم والذكر والدعاء، وتقربنا إلى الله الصدقات والإحسان إلى المحتاجين، وقطعنا أرحامنا وأصلحنا ذات البين، ولعلنا قد وفقنا إلى إدراك ليلة القدر المباركة، ليلة خير من ألف شهر.
الحكمة من صيام رمضان:
شرع الله تعالى صيام رمضان لأسباب كثيرة، منها:
تقوى الله تعالى: فالصيام يربي المسلم على التقوى والخوف من الله، فهو يعلم أنه يراقب الله في كل أفعاله وأقواله، فيجتنب المعاصي والمحرمات.
تطهير النفس: فالصيام يطهر النفس من الذنوب والخطايا، كما أنه يخلصها من الشهوات والأهواء.
التربية على الصبر: فالصيام يعلم المسلم الصبر على الجوع والعطش والحرمان، ويجعله أكثر قدرة على تحمل المشاق والصعاب.
التربية على الإحسان: فالصيام يربي المسلم على الإحسان إلى المحتاجين والفقراء، كما أنه يجعله أكثر رحمة بهم.
التربية على التعاون: فالصيام يعلم المسلم التعاون مع الآخرين، حيث يتعاون المسلمون على إعداد وجبات الإفطار والسحور، وعلى إقامة صلاة التراويح والتهجد.
التربية على الوحدة: فالصيام يربي المسلم على الوحدة واللحمة، حيث يصوم المسلمون جميعًا في وقت واحد، ويفطرون جميعًا في وقت واحد، ويصلون جميعًا في جماعة.
إحياء سنة النبي صلى الله عليه وسلم: فالصيام من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أمرنا باتباع سنته والاقتداء به.
فضل شهر رمضان:
لشهر رمضان فضل عظيم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الصيام جنة، فإذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يجهل، فإن جهل عليه أو قاتله أحد فليقل: إني صائم”.
وقد ورد في فضل شهر رمضان أحاديث كثيرة، منها:
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه”.
روى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه”.
روى الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أفضل الأعمال الحج المبرور والصيام الذي لا ينقطع”.
أهم الأعمال في شهر رمضان:
ينبغي على المسلم أن يغتنم شهر رمضان المبارك بأفضل الأعمال، منها:
الصيام: وهو الركن الأول من أركان الإسلام، وهو واجب على كل مسلم بالغ عاقل قادر.
القيام: وهو من السنن المؤكدة في شهر رمضان، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحيي ليلة القدر بالصلاة والعبادة.
تلاوة القرآن الكريم: وينبغي على المسلم أن يكثر من تلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان، وأن يتدبر معانيه ويوضحه.
الذكر والدعاء: وينبغي على المسلم أن يكثر من ذكر الله تعالى في شهر رمضان، وأن يدعو الله بقبول صيامه وقيامه.
الصدقة والإحسان: وينبغي على المسلم أن يتصدق على الفقراء والمحتاجين في شهر رمضان، وأن يحسن إلى اليتامى والأرامل.
قطع الأرحام وإصلاح ذات البين: وينبغي على المسلم أن يقطع أرحامه في شهر رمضان، وأن يصلح ذات البين بين المتخاصمين.
إخراج زكاة الفطر: وهي واجبة على كل مسلم بالغ عاقل قادر، وتخرج قبل صلاة عيد الفطر.
كيفية الاستعداد لشهر رمضان:
ينبغي على المسلم أن يستعد لشهر رمضان المبارك قبل حلوله، وذلك بأن:
يتوب إلى الله تعالى من ذنوبه: ويسأل الله العفو والمغفرة.
يصوم بعض الأيام قبل رمضان: وذلك ليتعود على الصيام ويقوى على أدائه.
يتعلم أحكام الصيام: وخاصة ما يتعلق بالصيام المقبول والصيام غير المقبول.
يدخر بعض المال: وذلك لشراء الطعام والشراب للمحتاجين والفقراء.
يجهز مسجده أو مصلاه: وذلك لتأدية صلاة التراويح والتهجد.
يحدد الأهداف التي يريد تحقيقها في رمضان: مثل ختم القرآن الكريم أو الإكثار من الصدقات أو إصلاح ذات البين.
وداع شهر رمضان:
ها هو شهر رمضان المبارك يوشك أن يفارقنا، فنسأل الله تعالى أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا وجميع أعمالنا، وأن يجعلنا من عتقائه من النار، وأن يرزقنا صيام رمضان في الأعوام القادمة.
المعاملة مع الآخرين في شهر رمضان:
يجب على المسلم أن يكون حسن الخلق والمعاملة مع الآخرين في شهر رمضان، وأن يجتنب الغيبة والنميمة والكذب والسب والشتم.
يجب على المسلم أن يكون متسامحًا وعفواً عن الآخرين، وأن لا يحمل الضغينة في قلبه لأحد.
يجب على المسلم أن يكون كريماً مع الآخرين، وأن يتصدق عليهم بالمال والطعام والشراب.
الاستفادة من شهر رمضان:
يجب على المسلم أن يستفيد من شهر رمضان المبارك في تقوية علاقته بالله تعالى، وفي تطهير نفسه من الذنوب والخطايا.
يجب على المسلم أن يستفيد من شهر رمضان المبارك في تعلم أحكام الإسلام، وفي تلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه.
يجب على المسلم أن يستفيد من شهر رمضان المبارك في الدعاء إلى الله تعالى، وأن يسأله العفو والمغفرة والرحمة.
الخاتمة:
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا وجميع أعمالنا، وأن يجعلنا من عتقائه من النار، وأن يرزقنا صيام رمضان في الأعوام القادمة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.