دعاء المظلوم
مقدمة:
الظلم من أبشع الصفات التي يمكن أن يتصف بها الإنسان، فهو سلب حق الغير بالقوة وانتهاك حرمته، وقد حذرنا الله تعالى من الظلم ونهانا عنه في كثير من آيات القرآن الكريم، وأخبرنا أنه من كبائر الذنوب التي تستوجب العقاب الشديد في الدنيا والآخرة.
1. فضل دعاء المظلوم:
للدعاء بالظلم فضل كبير وأثر عظيم، ومن ذلك:
– أن الله تعالى يستجيب دعاء المظلوم ولا يرده، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ [الشورى: 39].
– أن دعاء المظلوم يرفع إلى الله عز وجل ولا يحجب عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم”.
– أن دعاء المظلوم ينزل على الظالم كالصاعقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تصعد إلى الله عز وجل كالصاعقة”.
2. آداب دعاء المظلوم:
هناك بعض الآداب التي يجب أن يلتزم بها المظلوم عند الدعاء على الظالم، ومنها:
– أن يكون الدعاء خالصًا لله تعالى لا يريد به إلا وجهه الكريم.
– أن يكون الدعاء بالحق ولا يزيد فيه المظلوم عن حقه.
– أن يدعو المظلوم على الظالم بما يستحق من عقاب ولا يتجاوز في ذلك الحدود.
3. أقوال العلماء في دعاء المظلوم:
اتفق العلماء على فضل دعاء المظلوم وأنه مستجاب بإذن الله تعالى، ومن أقوالهم في ذلك:
– قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: “دعوة المظلوم نافذة وإن كان فاسقًا، فكيف إذا كان مؤمنًا صالحًا”.
– قال الإمام النووي رحمه الله: “دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاسقًا، فكيف إذا كان مسلمًا صالحًا”.
– قال الإمام ابن القيم رحمه الله: “دعوة المظلوم لها تأثير عظيم في الظالم، وقد تكون سببًا في هلاكه”.
4. شروط استجابة دعاء المظلوم:
هناك بعض الشروط التي يجب أن تتوفر في دعاء المظلوم حتى يستجيب الله تعالى له، ومنها:
– أن يكون المظلوم قد صبر على الظلم ولم ينتقم لنفسه.
– أن يكون المظلوم قد توسل إلى الله تعالى بالدعاء ولم يطلب الانتقام من الظالم.
– أن يكون المظلوم قد توكل على الله تعالى وأيقن أن الله تعالى سينتصر له وينصفه.
5. كيفية دعاء المظلوم:
هناك دعاء محدد للمظلوم يمكن أن يقوله، ومنه:
– دعاء سيدنا يوسف عليه السلام: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [يوسف: 33].
– دعاء سيدنا أيوب عليه السلام: ﴿إِنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [الأنبياء: 83].
– دعاء سيدنا زكريا عليه السلام: ﴿رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾ [مريم: 4].
6. قصص عن استجابة دعاء المظلوم:
هناك العديد من القصص التي وردت في التاريخ عن استجابة دعاء المظلوم ومنها:
– قصة سيدنا يوسف عليه السلام عندما دعا على إخوته الذين ظلموه، ففرق الله بينهم وألقى في قلوبهم الرعب حتى اضطروا إلى الذهاب إليه والتوسل إليه لكي يعفو عنهم.
– قصة سيدنا أيوب عليه السلام عندما دعا على الشيطان الذي أوغر صدر زوجته عليه، فكشف الله تعالى كيد الشيطان وأعاد لسيدنا أيوب عافيته وأهله وماله.
– قصة امرأة مظلومة كانت تدعو على زوجها الذي ظلمها، فاستجاب الله تعالى لدعائها وأرسل عليها ملكًا قتله بين يديها.
7. دعاء المظلوم مستجاب بإذن الله تعالى:
المظلوم مظلوم إلى أن ينتصر له، ودعاء المظلوم مستجاب بإذن الله تعالى، وقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب”.
خاتمة:
ظلم الناس بعضهم لبعض من أبشع أنواع الظلم، وهو من الكبائر التي نهى الله تعالى عنها وشدد في تحريمها، ودعاء المظلوم مستجاب بإذن الله تعالى، فالله تعالى لا يظلم أحدًا مهما كان ضعيفًا، وهو المنتقم الجبار الذي ينتقم للمظلوم من الظالم، فاتقوا دعوة المظلوم فإنها تصعد إلى الله كالصاعقة، ولا تظلموا أحدًا مهما كان السبب، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.