التعويض عن الضرر المادي في الفقه الإسلامي

التعويض عن الضرر المادي في الفقه الإسلامي

مقدمة

التعويض عن الضرر المادي هو أحد أهم الحقوق التي كفلها الشارع الحكيم للمجني عليه، وذلك لتعويضه عن الخسارة التي لحقت به نتيجة فعل الغير، سواء كان هذا الفعل متعمدًا أو غير متعمد، وقد شرع الإسلام التعويض عن الضرر المادي مراعاةً لمصالح الناس وحفظ حقوقهم، ولأن الضرر المادي يمثل انتهاكًا لحقوق الأفراد وممتلكاتهم، وقد وضع الفقهاء قواعد وشروطًا محددة لوجوب التعويض عن الضرر المادي، واختلفوا في بعض المسائل المتعلقة به، وسنتناول في هذا المقال أحكام التعويض عن الضرر المادي في الفقه الإسلامي.

أولًا: مفهوم الضرر المادي

يعرف الضرر المادي بأنه: “ما يلحق بالمال من نقص أو تلف أو إتلاف”، ويسمى أيضًا بالضرر المحسوس، وهو الضرر الذي يمكن رؤيته أو قياسه أو تقديره ماديًا، مثل: كسر سيارة أو إتلاف منزل أو فقدان مال، ويعد الضرر المادي من أكثر أنواع الضرر شيوعًا، ويمكن أن ينتج الضرر المادي عن أسباب مختلفة، مثل: الإهمال أو التقصير أو العمد أو غير ذلك.

ثانيًا: أركان التعويض عن الضرر المادي

يشترط الفقهاء لوجوب التعويض عن الضرر المادي توافر ثلاثة أركان، وهي:

الضرر: ويقصد به الضرر المادي الحاصل للمجني عليه، ويجب أن يكون الضرر محققًا، أي حاصل بالفعل، لا مجرد احتمال حدوثه، وأن يكون الضرر ماديًا، أي يمكن رؤيته أو قياسه أو تقديره ماديًا.

الخطأ: ويقصد به الفعل الذي أدى إلى الضرر، ويجب أن يكون هذا الفعل خطأً، أي مخالفًا للقانون أو النظام أو العرف، وقد يكون الخطأ متعمدًا أو غير متعمد.

العلاقة السببية: ويقصد بها وجود رابطة بين الخطأ والضرر، بحيث يكون الخطأ هو السبب المباشر لحدوث الضرر، ولا يشترط أن يكون الخطأ هو السبب الوحيد للضرر، فقد يكون هناك أسباب أخرى ساهمت في حدوث الضرر.

ثالثًا: شروط التعويض عن الضرر المادي

اشترط الفقهاء لوجوب التعويض عن الضرر المادي عددًا من الشروط، منها:

أن يكون الضرر محققًا: أي حاصل بالفعل، لا مجرد احتمال حدوثه.

أن يكون الضرر ماديًا: أي يمكن رؤيته أو قياسه أو تقديره ماديًا.

أن يكون الضرر ناتجًا عن خطأ: ويقصد به الفعل الذي أدى إلى الضرر، ويجب أن يكون هذا الفعل مخالفًا للقانون أو النظام أو العرف.

أن يكون هناك علاقة سببية بين الخطأ والضرر: أي أن يكون الخطأ هو السبب المباشر لحدوث الضرر.

أن لا يكون المجني عليه قد تسبب في الضرر: بحيث يكون الضرر ناتجًا عن خطأ المجني عليه نفسه أو عن سبب أجنبي لا علاقة للمسؤول به.

رابعًا: مقدار التعويض عن الضرر المادي

اختلف الفقهاء في مقدار التعويض عن الضرر المادي، فبعضهم قال إنه يجب أن يكون التعويض مساويًا للضرر الحاصل، بحيث يتم تعويض المجني عليه عن كامل الخسارة التي لحقت به، وبعضهم قال إنه يجب أن يكون التعويض أقل من الضرر الحاصل، مراعاةً لحال المسؤول المالي، وبعضهم قال إنه يجب أن يكون التعويض أكثر من الضرر الحاصل، ليكون عبرة للمسؤولين عن عدم إلحاق الضرر بالغير.

خامسًا: طرق التعويض عن الضرر المادي

هناك طريقتان رئيسيتان للتعويض عن الضرر المادي، وهما:

التعويض بالمال: وهو أن يدفع المسؤول عن الضرر للمجني عليه مبلغًا من المال يساوي قيمة الضرر الحاصل، أو أكثر أو أقل حسب تقدير القاضي.

التعويض بالمثل: وهو أن يقوم المسؤول عن الضرر بإعادة الشيء المتلف إلى حالته الأصلية، أو بتقديم شيء مماثل له في القيمة للمجني عليه.

سادسًا: سقوط حق التعويض عن الضرر المادي

يسقط حق التعويض عن الضرر المادي في الحالات التالية:

إبراء الذمة: إذا تنازل المجني عليه عن حقه في التعويض عن الضرر المادي.

التقادم: إذا انقضت المدة التي حددها القانون أو العرف لسقوط حق التعويض عن الضرر المادي.

المقاصة: إذا كان للمسؤول عن الضرر دين في ذمة المجني عليه، فإن حق التعويض يسقط بقدر دين المسؤول.

سابعًا: الخاتمة

التعويض عن الضرر المادي هو أحد أهم الحقوق التي كفلها الشارع الحكيم للمجني عليه، وذلك لتعويضه عن الخسارة التي لحقت به نتيجة فعل الغير، وقد شرع الإسلام التعويض عن الضرر المادي مراعاةً لمصالح الناس وحفظ حقوقهم، وقد وضع الفقهاء قواعد وشروطًا محددة لوجوب التعويض عن الضرر المادي، واختلفوا في بعض المسائل المتعلقة به، وقد بينا في هذا المقال أحكام التعويض عن الضرر المادي في الفقه الإسلامي.

أضف تعليق