القسم على المصحف

القسم على المصحف

القسم على المصحف: دلالته وأحكامه

مقدمة:

القسم على المصحف من الأمور الشائعة في حياة المسلمين، حيث يُعتبر المصحف الكريم أقدس الكتب عندهم، وللقسم عليه مكانة خاصة في نفوسهم. وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل القسم على المصحف، منها ما رواه الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف بالله والقرآن صادقًا من قلبه برّ الله به، ومن حلف بالله والقرآن كاذبًا فقده برّ الله”.

أولاً: دلالة القسم على المصحف:

1. تعظيم المصحف: إن القسم على المصحف يدل على تعظيم المصحف الكريم وتقديره، فهو كتاب الله تعالى الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو المصدر الرئيسي للتشريع الإسلامي. ولذلك، فإن من أقسم على المصحف فقد أقر بتعظيمه وتقديره.

2. الصدق في القول: إن القسم على المصحف يدل على صدق صاحب اليمين في قوله، فهو لا يقسم على المصحف إلا وهو صادق فيما يقول، لأنه يعلم أن الله تعالى مطلع عليه ويعلم ما في قلبه. ولذلك، فإن القسم على المصحف يُعتبر من أقوى الدلائل على صدق صاحب اليمين.

3. الوفاء بالعهد: إن القسم على المصحف يدل على التزام صاحب اليمين بالوفاء بالعهد الذي قطعه، فهو لا يقسم على المصحف إلا وهو عازم على الوفاء بالعهد. ولذلك، فإن القسم على المصحف يُعتبر من أقوى الدلائل على التزام صاحب اليمين بالوفاء بالعهد.

ثانيًا: أحكام القسم على المصحف:

1. مشروعية القسم على المصحف: إن القسم على المصحف مشروع في الشريعة الإسلامية، فقد وردت في ذلك أحاديث كثيرة، منها ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بالله والقرآن فقد أدى الأمانة وبَرَّ اليمين”.

2. شروط القسم على المصحف: يشترط في صحة القسم على المصحف أن يكون صاحب اليمين عاقلًا بالغًا، وأن يكون صادقًا في قوله، وأن يكون عازمًا على الوفاء بالعهد الذي قطعه. كما يشترط أن يكون المصحف الذي يُقسم عليه مصحفًا صحيحًا غير منقوص.

3. كيفية القسم على المصحف: يستحب أن يكون القسم على المصحف في المسجد، وأن يكون القاسم متوضئًا وأن تكون يمينه على المصحف. كما يستحب أن يقول القاسم: “أقسم بالله العظيم والقرآن الكريم أن أفعل كذا وكذا”.

ثالثًا: فضل القسم على المصحف:

1. إجابة الدعاء: إن القسم على المصحف من أسباب إجابة الدعاء، فقد ورد في الحديث الذي رواه الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف بالله والقرآن صادقًا من قلبه برّ الله به، ومن حلف بالله والقرآن كاذبًا فقده برّ الله”.

2. المغفرة والرحمة: إن القسم على المصحف من أسباب مغفرة الذنوب والرحمة الإلهية، فقد ورد في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف بالله صادقًا من قلبه غفر له ذنبه”.

3. النجاة من النار: إن القسم على المصحف من أسباب النجاة من النار، فقد ورد في الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف بالله والقرآن صادقًا من قلبه أعتقه الله من النار”.

رابعًا: أنواع القسم على المصحف:

1. القسم على المصحف في المعاملات المالية: يُستخدم القسم على المصحف في المعاملات المالية للتأكيد على صدق صاحب اليمين في قوله، وللزامه بالوفاء بالعهد الذي قطعه.

2. القسم على المصحف في الزواج: يُستخدم القسم على المصحف في الزواج للتأكيد على صدق الزوجين في قولهما، وللزامهما بالوفاء بالعهد الزوجي.

3. القسم على المصحف في القضاء: يُستخدم القسم على المصحف في القضاء لإثبات صدق الشهود في شهادتهم، وللزامهن بالوفاء بالقسم الذي أداوه.

خامسًا: حكم الحلف بالقرآن الكريم كذبًا:

1. حرمة الحلف بالقرآن الكريم كذبًا: إن الحلف بالقرآن الكريم كذبًا من الكبائر التي يجب على المسلم اجتنابها، فقد ورد في الحديث الذي رواه الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف بالله والقرآن كاذبًا فقد كفر”.

2. عقوبة الحلف بالقرآن الكريم كذبًا: إن عقوبة الحلف بالقرآن الكريم كذبًا هي الوعيد الشديد من الله تعالى، فقد ورد في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف بالله والقرآن كاذبًا فقد باء بغضب الله ولعنته ومقته أبدًا”.

3. التوبة من الحلف بالقرآن الكريم كذبًا: إذا أقسم الإنسان على المصحف كذبًا فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ويستغفره، وأن يكثر من الأعمال الصالحة التي تُكفر الذنوب.

سادسًا: حكم من حلف بالقرآن ولم يف به:

1. وجوب الوفاء بالقسم: إن من حلف بالقرآن الكريم فعليه أن يفي به، ولا يجوز له أن ينكثه، فقد ورد في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي لبابة رضي الله عنه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف فليُوف به، ومن نذر فليُنْفِذ”.

2. كفارة اليمين: إذا لم يف الإنسان بقسمه على المصحف فعليه أن يكفر عن يمينه، وذلك بأن يطعم عشرة مساكين، أو يكسو عشرة مساكين، أو يعتق رقبة.

3. التوبة من عدم الوفاء بالقسم: إذا لم يقدر الإنسان على كفارة اليمين فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ويستغفره، وأن يكثر من الأعمال الصالحة التي تُكفر الذنوب.

سابعًا: حكم من حلف بالقرآن في غير معصية ولم يف به:

1. جواز الحلف بالقرآن في غير معصية: يجوز للإنسان أن يحلف بالقرآن الكريم في غير معصية، وذلك للتأكيد على صدق قوله، وللزامه بالوفاء بالعهد الذي قطعه.

2. وجوب الوفاء بالقسم: إذا حلف الإنسان بالقرآن الكريم في غير معصية فعليه أن يفي به، ولا يجوز له أن ينكثه، وذلك لقول الله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34].

3. كفارة اليمين: إذا لم يف الإنسان بقسمه على المصحف في غير معصية فعليه أن يكفر عن يمينه، وذلك بأن يطعم عشرة مساكين، أو يكسو عشرة مساكين، أو يعتق رقبة.

خاتمة:

والحاصل أن القسم على المصحف من الأمور المشروعة في الشريعة الإسلامية، وهو من أسباب إجابة الدعاء، ومغفرة الذنوب، والنجاة من النار. وللقسم على المصحف آداب وأحكام يجب مراعاتها، وعلى من حلف بالقرآن الكريم أن يفي به، وإذا لم يقدر على الوفاء به فعليه أن يكفر عن يمينه.

أضف تعليق