بسم الله الرحمن الرحيم
اللّهم ارحم أمي واسكنها فسيح جنّاتك
المقدّمة
إنّ الأم هي أسمى وأعظم نعمة أنعم الله بها على الإنسان، فهي التي تحمل أوجاع الحمل وتتحمّل مشقّة الولادة، وهي التي ترعى أبناءها وتسهر على راحتهم، وهي التي تغرس فيهم القيم والمبادئ وتصنع مستقبلهم. وممّا لا شكّ فيه أنّ أحد أكثر الأمور التي يخشاها الإنسان هو فقدان والدته، لأنّه يعلم أنّ فقدانها يعني فقدان جزء كبير من قلبه وفقدان السند والحنان. لذلك، فإنّ من أعظم الأدعية التي يمكن أن يدعوها المسلم هي الدعاء بالأموات برحمة الله تعالى وإسكانهم في فسيح جنّاته.
1. عظمة الأم في الإسلام
لقد حثّ الإسلام على احترام الأم وتقديرها، وجعلها في منزلة عظيمة، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز: “وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا”، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “الجنة تحت أقدام الأمهات”.
وقد أوصى الإسلام بالإحسان إلى الأمّ والبرّ بها، وجعله من أعظم القربات إلى الله تعالى، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “أفضل الأعمال الصلاة في وقتها، ثمّ برّ الوالدين، ثمّ الجهاد في سبيل الله”.
كما نهى الإسلام عن عقوق الأمّ، وجعله من الكبائر العظيمة، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لا تعق والديك، فإنه من الكبائر”.
2. فضل الدعاء للأمّ المتوفّاة
إنّ الدعاء للأمّ المتوفّاة من أعظم الأعمال التي يمكن أن يفعلها الابن أو الابنة، وذلك لأنّ الدعاء هو سبب لرحمة الله تعالى وإسكانها في فسيح جنّاته.
وقد حثّ الإسلام على الدعاء للأمّ المتوفّاة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “من دعا لأبويه وهما ميتان غفر الله له”.
كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “استغفروا لأمّهاتكم، فإنّ أوّل ما يحاسب به العبد يوم القيامة برّه بوالديه”.
3. صيغ الدعاء للأمّ المتوفّاة
هناك العديد من الصيغ التي يمكن الدعاء بها للأمّ المتوفّاة، ومن أشهرها: “اللّهم اغفر لأمّي وارحمها وأدخِلها فسيح جنّاتك، اللّهم اجزِها عنّي خير الجزاء وأكرم نُزلها، اللّهم ارحم أمّي برحمتك الواسعة وأسكنها في عليّين”.
ومن الأدعية المأثورة عن السلف الصالح: “اللّهم ارحم أمّي واغفر لها واجعل قبرها روضة من رياض الجنّة، اللّهم اجعل أمّي من الذين يدخلون الجنّة بغير حساب ولا عقاب”.
ويمكن للمسلم أن يدعو لأمّه بأيّ صيغة يريدها، المهم أن يكون الدعاء صادراً من القلب وبنِيّة صادقة.
4. أوقات الدعاء للأمّ المتوفّاة
يمكن للمسلم أن يدعو لأمّه في أي وقت يشاء، ولكن هناك بعض الأوقات التي يُستحبّ فيها الدعاء للموتى بشكل عام، ومنها:
بعد الانتهاء من الصلاة المفروضة.
في الثلث الأخير من الليل.
يوم الجمعة.
في شهر رمضان المبارك.
في يوم عرفة.
5. آداب الدعاء للأمّ المتوفّاة
يجب أن يكون الدعاء للأمّ المتوفّاة خالصاً من الرياء والسمعة، وأن يكون صادراً من القلب وبنِيّة صادقة.
يجب أن يتجنّب المسلم الدعاء لأمّه بأشياء لا تليق بها، مثل أن يدعو لها بأن تُكرم كرامة فلان الفلاني.
يجب أن يكمل المسلم الدعاء بتقديم الصدقات الجارية عن روح أمّه، مثل بناء مسجد أو مدرسة أو حفر بئر ماء.
6. فضل الصدقة عن الأمّ المتوفّاة
إنّ الصدقة عن الأمّ المتوفّاة من أعظم الأعمال التي يمكن أن يفعلها الابن أو الابنة، وذلك لأنّ الصدقة تُطفئ غضب الله تعالى وتُكفّر السيئات وتجلب الرحمة والبركة.
وقد حثّ الإسلام على الصدقة عن الموتى بشكل عام، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “تصدّقوا عن موتاكم”، وقال أيضاً: “الصدقة عن الميت تُصل إليه، وإنّه ليفرح بها كما يفرح أحدكم بالهديّة تُهدى إليه”.
لذلك، يُستحبّ للمسلم أن يكثر من الصدقة عن أمّه المتوفّاة، وأن يدعو الله تعالى أن يتقبّل صدقته ويجعلها في ميزان حسنات أمّه.
7. الدعاء للأمّ المتوفّاة في الأعياد
إنّ الأعياد من الأوقات التي يُستحبّ فيها الدعاء للموتى بشكل عام، وذلك لأنّها أوقات فرح وسرور، ويُحبّ الله تعالى أن يفرح عباده المؤمنون في هذه الأوقات.
لذلك، يُستحبّ للمسلم أن يدعو لأمّه المتوفّاة في الأعياد، وخاصة في عيد الفطر وعيد الأضحى، وذلك بأن يقول: “اللّهم ارحم أمّي واغفر لها واجعل عيدها في الجنّة أجمل من عيدنا في الدنيا”.
الخاتمة
إنّ الدعاء للأمّ المتوفّاة من أعظم الأعمال التي يمكن أن يفعلها الابن أو الابنة، وذلك لأنّ الدعاء هو سبب لرحمة الله تعالى وإسكانها في فسيح جنّاته. وقد حثّ الإسلام على الدعاء للأمّ المتوفّاة، وبيّن فضله وأجره العظيم. لذلك، يجب على المسلم أن يكثر من الدعاء لأمّه المتوفّاة، وأن يصدّق عنها، وأن يدعو لها في الأعياد، وأن يجعلها في قلبه دائماً.