بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم ارحم موتانا واشفي مرضانا وعافي مبتلانا
المقدمة:
يعتبر الدعاء من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، ولهذا فقد حثنا الله ورسوله على الدعاء، خاصةً في الأوقات وأوقات الاستجابة، ومن أجمل الأدعية التي يتضرع بها المؤمن إلى الله تعالى قوله: “اللهم ارحم موتانا واشفي مرضانا وعافي مبتلانا”، ففي هذا الدعاء يتضرع المؤمن إلى الله تعالى طالبًا منه الرحمة لموتاه والشفاء لمرضاه والعافية لمبتلاه.
1. معنى رحمة الله تعالى:
– إن رحمة الله تعالى هي صفة من صفات الكمال وهي مظهر من مظاهر لطفه بعباده، وجاءت في آيات عديدة مثل قوله تعالى: “وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ”، وهي واسعة تشمل كل شيء، فإن رحمته تعالى هي التي تشمل خلقه في الدنيا والآخرة.
– إن رحمة الله تعالى عظيمة وهي تكفي عباده في الدنيا والآخرة، فقد قال تعالى: “وَكَفَى بِرَبِّكَ هُدًى وَوَرَحْمَةً”، وهي التي تسبب لهم السعادة والفرح في الدنيا والآخرة.
– يتجلى معنى رحمة الله -عز وجل- من خلال نعمائه الكثيرة التي لا تُعد ولا تُحصى، ومن خلال عفوه ومغفرته لعباده، ومن خلال إحسانه إليهم في الدنيا والآخرة.
2. أنواع رحمة الله تعالى:
– رحمة الله تعالى الشاملة لجميع خلقه: وهي الرحمة التي تشمل كل شيء في هذا الكون، من نبات وحيوان وإنسان، حيث يرزقهم الله ويحفظهم ويهديهم إلى ما فيه خيرهم.
– رحمة الله تعالى الخاصة للمؤمنين: وهي الرحمة التي يخص الله بها المؤمنين لعبادتهم وطاعتهم له، ومن ذلك دخولهم الجنة والنجاة من النار، وكذلك التخفيف عنهم في الدنيا.
– رحمة الله تعالى للموتى: وهي التي تغفر لهم ذنوبهم وتدخلهم الجنة، وقد ورد في الحديث: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”.
3. أهمية الدعاء لرحمة الموتى:
– إن الدعاء للموتى من أسباب دخولهم الجنة وتخفيف عذابهم، فقد قال تعالى: “وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ”، وقد حثنا النبي -صلى الله عليه وسلم- على الدعاء للموتى فقال: “استغفروا لأخيكم واسألوا الله له التثبيت فإنه الآن يسأل”.
– بالإضافة إلى أن الدعاء للموتى من أسباب رفع درجاتهم في الجنة، فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: “كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من صلاة الفجر يقول: اللهم إني أسألك أن تعتق رقبة من رق النار اليوم”، فقيل له: يا رسول الله، أُعتق رقبة واحدة كل يوم؟ فقال: “كل مسلم يعتق الله به رقبة من النار”.
– الدعاء للموتى من أسباب زيادة حسنات الداعي، فعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “من صلى على جنازة مسلم فله قيراط، ومن غسلها فله عشرة قيراط، ومن حفر لها فله مائة قيراط”.
4. معنى شفاء الله تعالى:
– شفاء الله تعالى: هو إزالة المرض والعافية والسلامة من كل ما يؤذي الإنسان، فالله تعالى هو الشافي، وهو الذي يمن على عباده بالصحة والعافية، فله الحمد والمنة.
– ومن مظاهر شفاء الله تعالى: إزالة الأمراض البدنية والنفسية والاجتماعية، كما أن شفاء الله تعالى يشمل العافية من كل ما يؤذي الإنسان ظاهرا وباطنا.
– ويشمل شفاء الله تعالى أيضًا عافية القلب والروح والجسد، فالله تعالى هو الذي يعافي عباده من كل ما يؤذيهم ويزعجهم ويشغلهم عن عبادته.
5. أهمية الدعاء لشفاء المرضى:
– إن الدعاء للمرضى من أسباب شفائهم، فقد قال تعالى: “ادعوني أستجب لكم”، وقد حثنا النبي -صلى الله عليه وسلم- على الدعاء للمرضى فقال: “إن الدعاء ينفع الحي والميت”، كما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: “كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات، ومسح بيده اليمنى وهو يقول: أذهب البأس رب الناس، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا”.
– بالإضافة إلى أن الدعاء للمرضى من أسباب رفع درجات الداعي، فعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “من عاد مريضا لم يحضره أجله كتب له بكل خطوة يخطوها سبعون ألف حسنة”.
– الدعاء للمرضى من أسباب زيادة حسنات المريض، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إذا مرض العبد كتب الله له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحًا”.
6. معنى عافية الله تعالى:
– عافية الله تعالى: هي سلامة البدن والنفس من كل ما يؤذي أو يضر، وهي من أعظم نعم الله تعالى على عباده، ويجب عليهم شكر الله تعالى عليها.
– عافية الله تعالى تشمل العافية من الأمراض الجسدية والنفسية والاجتماعية، كما تشمل العافية من كل ما يؤذي الإنسان ظاهرا وباطنا.
– تتجلى عافية الله تعالى أيضًا في حفظ الإنسان من الأخطار والشرور، وفي تيسير أموره وتسهيل حياته، فالعافية من الله تعالى هي من أعظم النعم التي يجب على الإنسان أن يشكر الله تعالى عليها.
7. أهمية الدعاء لعافية المبتلين:
– إن الدعاء للمبتلين من أسباب تفريج كربهم وإزالة ما ابتلوا به، فقد قال تعالى: “وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا”، وقد حثنا النبي -صلى الله عليه وسلم- على الدعاء للمبتلين فقال: “من نزل به بلاء فليقل: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي”.
– بالإضافة إلى أن الدعاء للمبتلين من أسباب رفع درجات الداعي، فعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة”.
– الدعاء للمبتلين من أسباب زيادة حسنات المبتلى، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه”.
الخاتمة:
إن الدعاء من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، ويعتبر قوله تعالى: “اللهم ارحم موتانا واشفي مرضانا وعافي مبتلانا” من أجمل الأدعية التي يتضرع بها المؤمن إلى الله تعالى طالبًا منه الرحمة لموتاه والشفاء لمرضاه والعافية لمبتلاه، وهذا الدعاء يدل على رحمة المؤمنين ببعضهم البعض، واهتمامهم بمصالح اخوانهم في الدنيا والآخرة.