اللَّهُمّ يَا مَنْ أَقْسَمْتَ بِهَذِهِ الْعَشْرِ
المقدمة:
الحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الله تعالى أقسم بعشر أشياء في كتابه الحكيم، وهي: النفس، والزمن، والشمس، والقمر، والنهار، والليل، والسماء، والأرض، والرجل، والمرأة، وذلك في قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر: 1-3].
وقد وردت هذه اليمين في مقام القسم على صدق الرسالة المحمدية، وأن من لم يؤمن بها فهو في خسران مبين، إلا من آمن وعمل الصالحات وتواصى بالحق والصبر، فإنه ينجو من الخسران ويكون من الفائزين.
أقسم الله بالنفس:
1- النفس هي جوهر الإنسان وروحه، وهي التي تميزه عن سائر المخلوقات، وهي التي تتعلق بها التكاليف الشرعية، وهي التي تحاسب على أعمالها يوم القيامة.
2- أقسم الله بالنفس لأنها أعظم نعمه على الإنسان، وهي التي بها يحيا ويعقل ويشعر، وهي التي بها يكسب الحسنات والسيئات، وهي التي بها يترقى في مدارج الكمال أو يهوي في دركات الضلال.
3- أقسم الله بالنفس لأنها هي المسؤولة عن أفعال الإنسان، وهي التي ستحاسب عليها يوم القيامة، فمن عمل صالحا فلنفسه، ومن عمل سيئا فعليها.
أقسم الله بالزمن:
1- الزمن هو مقدار مدة وجود الشيء، وهو الذي به تقاس الأحداث والوقائع، وهو الذي به ينتقل الإنسان من حال إلى حال، ومن مرحلة إلى مرحلة.
2- أقسم الله بالزمن لأنه من أعظم خلقه، وهو الذي به تقوم الحياة، وهو الذي به تتغير الأشياء وتتطور، وهو الذي به ينتقل الإنسان من الطفولة إلى الشباب إلى الكهولة إلى الشيخوخة.
3- أقسم الله بالزمن لأن الإنسان لا يستطيع الاستغناء عنه، فهو مضطر إلى العيش فيه، وهو مضطر إلى التعامل معه، وهو مضطر إلى الانصياع لقوانينه، فمن استغل وقته أحسن استغلال، ومن أضاع وقته ندم على ذلك أشد الندم.
أقسم الله بالشمس:
1- الشمس هي النجم الذي يضيء كوكب الأرض، وهي التي بها تحيا الكائنات الحية، وهي التي بها تنمو النباتات، وهي التي بها تتكون المناخات.
2- أقسم الله بالشمس لأنها من أعظم مخلوقاته، وهي التي بها تقوم الحياة على وجه الأرض، وهي التي بها تنضج الثمار، وهي التي بها يشرق النهار وتغرب الشمس.
3- أقسم الله بالشمس لأنها رمز للنور والحياة والحيوية، وهي التي بها يضيء العالم ويصبح مكانا صالحا للعيش، فمن استفاد من ضوء الشمس وأشعتها، فهو إنسان ناجح، ومن ابتعد عن ضوء الشمس وأشعتها، فهو إنسان فاشل.
أقسم الله بالقمر:
1- القمر هو أحد الكواكب التي تدور حول الأرض، وهو الذي يضيء الليل، وهو الذي به تعرف الأيام والشهور والسنين.
2- أقسم الله بالقمر لأنه من أعظم خلقه، وهو الذي به يتميز الليل عن النهار، وهو الذي به يعرف الوقت، وهو الذي به تنضبط الحياة على وجه الأرض.
3- أقسم الله بالقمر لأنه رمز للجمال والهدوء والسكينة، وهو الذي به يزول الظلام ويحل محله النور، فمن تأمل في القمر وتدبر في خلقه، فهو إنسان عاقل، ومن غفل عن القمر وتدبره، فهو إنسان جاهل.
أقسم الله بالنهار:
1- النهار هو الوقت الذي تكون فيه الشمس فوق الأفق، وهو الذي به يمارس الإنسان معظم أعماله ونشاطاته.
2- أقسم الله بالنهار لأنه من أعظم نعمه على الإنسان، وهو الذي به يرى الإنسان الأشياء ويستطيع الحركة والعمل، وهو الذي به تتفتح الأزهار وتغرد الطيور.
3- أقسم الله بالنهار لأن الإنسان في حاجة ماسة إليه، فهو الوقت الذي يعمل فيه ويكسب قوته، وهو الوقت الذي يلتقي فيه بأهله وأصدقائه، وهو الوقت الذي يستمتع فيه بحياته.
أقسم الله بالليل:
1- الليل هو الوقت الذي تكون فيه الشمس تحت الأفق، وهو الذي به يستريح الإنسان من عناء النهار، وهو الذي به يهدأ العالم ويخلد إلى النوم.
2- أقسم الله بالليل لأنه من أعظم نعمه على الإنسان، وهو الذي به ينعم الإنسان بالراحة والاسترخاء، وهو الذي به يهدأ العالم وتسكن الأصوات.
3- أقسم الله بالليل لأن الإنسان في حاجة ماسة إليه، فهو الوقت الذي ينام فيه ويستعيد طاقته، وهو الوقت الذي يتدبر فيه في خلقه ويتقرب إليه بالعبادة والدعاء.