المُعِيْد من أسماء الله الحسنى
مقدمة:
الله سبحانه وتعالى هو الخالق البديع الذي خلق كل شيء بأمر كن فيكون، وهو المدبر الحكيم الذي يسير الكون بنظام دقيق لا يختل أبداً، وهو المبدئ المعيد الذي يعيد كل شيء إلى أصله بعد فنائه، وقد سمّى الله نفسه بالمعيد في القرآن الكريم في قوله تعالى: “ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو البديع المعيد”.
1. معنى اسم الله المعيد:
المُعِيْد هو اسم من أسماء الله الحسنى، وهو يعني الذي يُعيد كل شيء إلى أصله بعد فنائه، ويُرجعه إلى ما كان عليه قبل ذلك، ويُجدده كما كان أول مرة. ويُقال للمعيد أيضاً المُصلح، لأنه يُصلح ما فسد، ويُرمم ما تهدم، ويُغير ما كان سيئاً إلى ما هو أفضل منه.
2. تجليات اسم الله المعيد في الكون:
تتجلى قدرة الله تعالى وصفة الإعادة في كثير من مظاهر الكون، ومن ذلك:
– تجدد الخلايا في أجساد الكائنات الحية: ففي كل لحظة تموت خلايا في أجسامنا وتولد خلايا جديدة تحل محلها، وهذا التجديد المستمر يسمح لأجسادنا بأن تظل حية وصحية.
– تعاقب الفصول الأربعة: فبعد فصل الشتاء يأتي فصل الربيع الذي فيه تتجدد الحياة في الأرض بعد موتها في الشتاء، ثم يأتي بعد الربيع فصل الصيف الذي فيه تنضج الثمار وتكتمل الحبوب، ثم يأتي الخريف الذي فيه تتساقط الأوراق من الأشجار وتسقط الثمار على الأرض، ثم يعود الشتاء مرة أخرى وهكذا.
– دورة الماء في الطبيعة: فبعد أن يتبخر الماء يتحول إلى سحب، ثم تتكاثف السحب وتتساقط على الأرض في صورة أمطار أو ثلوج، ثم تتسرب هذه الأمطار والثلوج إلى باطن الأرض أو تجري على سطحها، ثم تتبخر مرة أخرى وهكذا.
3. دلالات اسم الله المعيد على قدرته وحكمته:
يدل اسم الله المُعِيْد على قدرته تعالى وعظمته، فهو القادر على إعادة كل شيء إلى أصله بعد فنائه، وهو القادر على إحياء الموتى وإعادة خلقهم في يوم القيامة، كما يدل اسم الله المعيد على حكمته تعالى، فهو الذي يُعيد كل شيء إلى أصله ليجعله أفضل مما كان عليه قبل ذلك، ويجعله أقرب إلى الكمال.
4. ذكر اسم الله المعيد في القرآن الكريم:
ورد ذكر اسم الله المعيد في القرآن الكريم في عدة مواضع، منها:
– في سورة البقرة: “الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً”.
– في سورة آل عمران: “الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم”.
– في سورة الأنبياء: “ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين”.
5. ذكر اسم الله المعيد في السنة النبوية:
ورد ذكر اسم الله المعيد في السنة النبوية في عدة أحاديث، منها:
– عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله تعالى خلق آدم على صورته طوله ستون ذراعاً، ثم قال: اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة جالسين، فاستمع ما يردون عليك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك”.
– عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله تعالى خلق آدم على صورته، طوله ستون ذراعاً، ثم خلق ذريته بين ذلك، أقصرهم قدر شبر”.
– عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله تعالى خلق آدم على صورته، طوله ستون ذراعاً، ثم خلق ذريته بين ذلك، أقصرهم قدر شبر”.
6. فضل ذكر اسم الله المعيد:
ذكر اسم الله المعيد له فضل كبير، ومن ذلك:
– أنه يُقوي الإيمان بالله تعالى ويثبت الاعتقاد بأن الله قادر على كل شيء.
– أنه يُبعث على الثقة بالله تعالى واليقين بأن الله سوف يُعيد كل شيء إلى أصله بعد فنائه.
– أنه يُشجع على الإحسان إلى الآخرين والعمل الصالح، لأن العبد يعلم أن الله سوف يُعيد إليه كل ما فعله في الدنيا، سواء كان خيراً أو شراً.
7. آداب ذكر اسم الله المعيد:
ومن آداب ذكر اسم الله المعيد:
– أن يُذكر باحترام وإجلال.
– أن يُذكر بنية صادقة وإخلاص لله تعالى.
– أن يُذكر في الأوقات والأماكن المناسبة.
الخاتمة:
اسم الله المُعِيْد من أسماء الله الحسنى التي تدل على قدرته وعظمته وحكمته، وهو اسم يبعث على الثقة بالله تعالى واليقين بأن الله سوف يُعيد كل شيء إلى أصله بعد فنائه، وهو اسم يدعو إلى الإحسان إلى الآخرين والعمل الصالح، لأن العبد يعلم أن الله سوف يُعيد إليه كل ما فعله في الدنيا، سواء كان خيراً أو شراً.