مقدمة:
التكليف هو الأمر أو النهي الإلهي الذي يتوجه إلى العباد، وهو يشمل جميع الأعمال التي شرعها الله تعالى لعباده ليتقربوا إليه وينالوا رضوانه، ويتفرع عن التكليف مفهوم المسؤولية، وهي ما يحاسب المرء عليه يوم القيامة بسبب أفعاله سواء كانت طاعة أو معصية، وقد ذكر الفقهاء سبعة أمور يعجز الإنسان بسببها عن فعل التكليف، وفي هذا المقال سنتناول هذه الأمور بالتفصيل.
1. الجنون:
الجنون هو فقدان العقل وعدم القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب، وهو ينقسم إلى نوعين: الجنون المطلق والجنون العارض، والجنون المطلق هو الذي يولد به الإنسان أو يصاب به منذ الصغر، أما الجنون العارض فهو الذي يحدث بسبب مرض أو حادث أو غير ذلك.
لا يكلف المجنون بفعل التكليف لأنه فاقد للأهلية، أي أنه لا يملك القدرة على الإدراك والفهم، وبالتالي لا يمكن محاسبته على أفعاله، وقد أجمع الفقهاء على أن المجنون لا تكليف عليه.
إذا زال الجنون عن الإنسان عاد إليه التكليف، وإذا حدث الجنون بعد البلوغ فإن العبادات التي كان قد قام بها قبل الجنون تبقى صحيحة ولا تحتاج إلى إعادة، أما بالنسبة للعبادات التي لم يؤدها قبل الجنون فإنها تسقط عنه ولا يجب عليه أن يقضيها بعد زوال الجنون.
2. الإغماء:
الإغماء هو فقدان الوعي بشكل مؤقت، وقد ينتج عن أسباب مختلفة مثل انخفاض ضغط الدم أو نقص السكر في الدم أو ضربة على الرأس، وقد يكون الإغماء قصيرًا أو طويلاً، وقد يتكرر حدوثه أو يكون مرة واحدة فقط.
لا يكلف المغمى عليه بفعل التكليف لأنه فاقد للوعي، أي أنه غير مدرك لما حوله، وبالتالي لا يمكن محاسبته على أفعاله، وقد أجمع الفقهاء على أن المغمى عليه لا تكليف عليه.
إذا زال الإغماء عن الإنسان عاد إليه التكليف، وإذا حدث الإغماء بعد البلوغ فإن العبادات التي كان قد قام بها قبل الإغماء تبقى صحيحة ولا تحتاج إلى إعادة، أما بالنسبة للعبادات التي لم يؤدها قبل الإغماء فإنها تسقط عنه ولا يجب عليه أن يقضيها بعد زوال الإغماء.
3. النوم:
النوم هو حالة طبيعية ينقطع فيها الإدراك الحسي، وقد يكون النوم عميقًا أو خفيفًا، وقد يكون طويلاً أو قصيرًا، وقد يتكرر حدوثه يوميًا أو يكون مرة واحدة فقط.
لا يكلف النائم بفعل التكليف لأنه فاقد للإدراك الحسي، أي أنه غير مدرك لما حوله، وبالتالي لا يمكن محاسبته على أفعاله، وقد أجمع الفقهاء على أن النائم لا تكليف عليه.
إذا استيقظ الإنسان من النوم عاد إليه التكليف، وإذا حدث النوم بعد البلوغ فإن العبادات التي كان قد قام بها قبل النوم تبقى صحيحة ولا تحتاج إلى إعادة، أما بالنسبة للعبادات التي لم يؤدها قبل النوم فإنها تسقط عنه ولا يجب عليه أن يقضيها بعد الاستيقاظ من النوم.
4. السكر:
السكر هو فقدان الوعي بسبب شرب الخمر أو تناول مواد مخدرة، وقد يكون السكر طويلاً أو قصيرًا، وقد يتكرر حدوثه أو يكون مرة واحدة فقط.
لا يكلف السكير بفعل التكليف لأنه فاقد للوعي، أي أنه غير مدرك لما حوله، وبالتالي لا يمكن محاسبته على أفعاله، وقد أجمع الفقهاء على أن السكير لا تكليف عليه.
إذا زال السكر عن الإنسان عاد إليه التكليف، وإذا حدث السكر بعد البلوغ فإن العبادات التي كان قد قام بها قبل السكر تبقى صحيحة ولا تحتاج إلى إعادة، أما بالنسبة للعبادات التي لم يؤدها قبل السكر فإنها تسقط عنه ولا يجب عليه أن يقضيها بعد زوال السكر، ويجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى من شرب الخمر أو تناول المواد المخدرة.
5. الإكراه:
الإكراه هو إجبار الإنسان على فعل شيء لا يريده، وقد يكون الإكراه ماديًا أو معنويًا، وقد يكون شديدًا أو خفيفًا، وقد يكون متصلاً أو منقطعًا.
إذا أكره الإنسان على فعل شيء محرم فإنه لا يكلف به، أي أنه لا يحاسب عليه، وقد أجمع الفقهاء على أن المكره لا تكليف عليه.
إذا زال الإكراه عن الإنسان عاد إليه التكليف، وإذا حدث الإكراه بعد البلوغ فإن العبادات التي كان قد قام بها قبل الإكراه تبقى صحيحة ولا تحتاج إلى إعادة، أما بالنسبة للعبادات التي لم يؤدها قبل الإكراه فإنها تسقط عنه ولا يجب عليه أن يقضيها بعد زوال الإكراه.
6. الحرج:
الحرج هو المشقة الشديدة التي تمنع الإنسان من فعل التكليف، وقد يكون الحرج عامًا أو خاصًا، وقد يكون دائمًا أو مؤقتًا.
إذا حرج الإنسان في فعل شيء مكلف فإنه يسقط عنه التكليف، أي أنه لا يحاسب عليه، وقد أجمع الفقهاء على أن المحرج لا تكليف عليه.
إذا زال الحرج عن الإنسان عاد إليه التكليف، وإذا حدث الحرج بعد البلوغ فإن العبادات التي كان قد قام بها قبل الحرج تبقى صحيحة ولا تحتاج إلى إعادة، أما بالنسبة للعبادات التي لم يؤدها قبل الحرج فإنها تسقط عنه ولا يجب عليه أن يقضيها بعد زوال الحرج.
7. النسيان:
النسيان هو فقدان القدرة على تذكر شيء معين، وقد يكون النسيان كليًا أو جزئيًا، وقد يكون دائمًا أو مؤقتًا.
إذا نسي الإنسان فعل شيء مكلف فإنه لا يكلف به، أي أنه لا يحاسب عليه، وقد أجمع الفقهاء على أن الناسي لا تكليف عليه.
إذا تذكر الإنسان ما نسي فعليه أن يفعل ما نسي، وإذا مات الإنسان قبل أن يتذكر ما نسي فإنه معذور ولا يحاسب عليه.
خاتمة:
الأمور التي ذكرناها في هذا المقال هي الأمور التي يعجز الإنسان بسببها عن فعل التكليف، وهي الجنون والإغماء والنوم والسكر والإكراه والحرج والنسيان، وقد أجمع الفقهاء على أن هذه الأمور تسقط التكليف عن الإنسان، وإذا زالت هذه الأمور عن الإنسان عاد إليه التكليف، وإذا حدثت هذه الأمور بعد البلوغ فإن العبادات التي كان قد قام بها قبل ذلك تبقى صحيحة ولا تحتاج إلى إعادة، أما بالنسبة للعبادات التي لم يؤدها قبل ذلك فإنها تسقط عنه ولا يجب عليه أن يقضيها.