بك يا الله
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..
فيا أيها المسلمون، يا من تؤمنون بالله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد. يا من تؤمنون بأن الله هو الخالق الرازق، الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو على كل شيء قدير. يا من تؤمنون بأن الله هو العليم الحكيم، الذي يعلم ما في الصدور، وهو بكل شيء عليم.
يا عباد الله:
إننا اليوم في هذا اليوم العظيم، نقف بين يدي الله الواحد الأحد، لنرفع أكف الضراعة والتضرع، ولندعوه سبحانه وتعالى أن يرحمنا برحمته الواسعة، وأن يغفر لنا ذنوبنا وخطايانا، وأن يرزقنا من فضله العظيم.
فلنبدأ بالحمد لله تعالى، على نعمه التي لا تحصى ولا تعد. فلنحمده على أنه خلقنا من العدم، وأسجد لنا الملائكة، وجعلنا أفضل الخلق أجمعين. فلنحمده على أنه رزقنا ورزق آبائنا وأمهاتنا، وعلى أنه هدانا إلى طريق الحق والصلاح.
يا عباد الله:
إن دعاء الله تعالى عبادة عظيمة، وهو من أفضل القربات إليه سبحانه وتعالى. وقد أمرنا الله تعالى بالدعاء إليه، ووعدنا بالإجابة. ففي قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.
1. فضل الدعاء:
للدعاء فضل عظيم عند الله تعالى، وقد وردت في فضله أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها:
– قوله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء سلاح المؤمن، وعمود الدين، ونور السموات والأرض».
– وقوله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة».
– وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها».
2. آداب الدعاء:
وللدعاء آداب يجب مراعاتها حتى يكون مقبولاً عند الله تعالى، منها:
– أن يكون الداعي متطهراً من الحدثين الأكبر والأصغر.
– أن يكون الداعي مستقبلاً القبلة.
– أن يكون الداعي رافعاً يديه إلى السماء.
– أن يكون الداعي خاشعاً متضرعاً.
– أن يكون الداعي صادقاً في دعائه.
– أن يكون الداعي حاضراً بقلب.
3. أوقات الدعاء المستجاب:
هناك أوقات يكون فيها الدعاء أكثر استجابة من غيرها، منها:
– الثلث الأخير من الليل.
– عند السحر.
– بين الأذان والإقامة.
– عند نزول المطر.
– عند رؤية الكعبة المشرفة.
– عند الوقوف على جبل عرفات.
– يوم عرفة.
– يوم عاشوراء.
4. دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الله تعالى بكثرة، وكان يدعو بأدعية مختلفة، منها:
– دعاء الاستفتاح: «اللهم افتح لنا خزائن رحمتك».
– دعاء القنوت: «اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيتنا، وقنا شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت».
– دعاء السفر: «اللهم إني أسألك أن تجعل سفري هذا في يسر، وسهولة، وحفظ، وعافية، وأن تردني إلى أهلي سالماً غانماً».
5. دعاء الصحابة والتابعين:
كان الصحابة والتابعون يدعون الله تعالى بكثرة، وكانوا يدعون بأدعية مختلفة، منها:
– دعاء أبي بكر الصديق: «اللهم ارزقني حبك، وحب من يحبك، وحب العمل الذي يوصلني إلى حبك».
– دعاء عمر بن الخطاب: «اللهم ارزقني علماً نافعاً، وعملاً صالحاً، وصدراً واسعاً».
– دعاء عثمان بن عفان: «اللهم ارزقني البطانة الصالحة، ووفقه للعمل الصالح».
6. دعاء أهل الصلاح:
كان أهل الصلاح يدعون الله تعالى بكثرة، وكانوا يدعون بأدعية مختلفة، منها:
– دعاء الإمام الشافعي: «اللهم ارزقني علماً ينفعني، وعملاً يرفعني، ورزقاً يغنيني، وأهلاً يحفظوني، ووهباً يبلغني، وعمراً يميتني».
– دعاء الإمام ابن حزم: «اللهم ارزقني قلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً، وعيناً باكية، وبدناً صابراً، ونفساً راضية».
– دعاء الإمام ابن القيم: «اللهم ارزقني محبتك، ومحبة رسولك، ومحبة من يحبك ويحب رسولك، وارزقني حب العمل الذي يوصلني إلى لقائك».
7. دعاء الخائفين:
كان الخائفون يدعون الله تعالى بكثرة، وكانوا يدعون بأدعية مختلفة، منها: