مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن قدرة الله في الكون تتجلى في كل شيء، من أصغر المخلوقات إلى أكبر المجرات، وفي كل لحظة من لحظات حياتنا، ولن نستطيع الإحاطة بجميع مظاهر قدرة الله، ولكننا سنحاول في هذا المقال أن نتأمل في بعض مظاهر قدرة الله في الكون، لكي نزداد إيمانًا وتوحيدًا.
عظمة خلق السماوات والأرض
لقد خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام، كما أخبرنا بذلك في كتابه العزيز، قال تعالى: “خلق السموات والأرض في ستة أيام” (سورة فصلت: 12)، وجاء في الحديث القدسي: “يا عبادي، إني خلقت السماوات والأرض في ستة أيام، وفي اليوم السابع استويت على العرش، فسبحوني في ستة أيام، واعبدوني في اليوم السابع”، وفي خلق السماوات والأرض دلائل كثيرة على قدرة الله وعظمته، ومن هذه الدلائل:
اتساع السماوات والأرض:
يقول الله تعالى: “السماوات والأرض أوسع من ذلك مثنى” (سورة الطلاق: 12)، وفي الحديث القدسي: “يا عبادي، لو أنكم اجتمعتم في صعيد واحد، فسألني كل واحد منكم حاجته، لأعطيت كل واحد منكم ما سأل، وما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل في البحر”، وهذا يدل على عظمة خلق الله وسعة قدرته.
تنظيم السماوات والأرض:
لقد خلق الله السماوات والأرض على نظام دقيق للغاية، قال تعالى: “ألم تروا كيف خلق الله السماوات والأرض؟ ما فيها من عوج، ولو شاء لجعلها ملتوية، ولردها على أثرها” (سورة الملك: 3)، وفي الحديث القدسي: “يا عبادي، إني قد رتبت لكم معايشكم، وأقسمت بينكم أقواتكم، فلا يتمن أحدكم ما عند صاحبه، فإنه لا يغني أحدًا عن أحد، ولا ينفع أحدًا إلا عمله”، وهذا يدل على حكمة الله ورحمته بعباده.
إحكام خلق السماوات والأرض:
لقد خلق الله السماوات والأرض على إحكام تام، قال تعالى: “الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على العرش، ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع” (سورة السجدة: 4)، وفي الحديث القدسي: “يا عبادي، إني خلقتكم من نفس واحدة، وجعلتكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عندي أتقاكم، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد”، وهذا يدل على كمال قدرة الله وعظمته.
دقة خلق الكائنات الحية
لقد خلق الله الكائنات الحية على دقة متناهية، فمن أصغر الكائنات الحية، مثل الفيروسات والبكتيريا، إلى أكبر الكائنات الحية، مثل الحيتان والأفيال، كلها مخلوقات دقيقة الصنع، ومن مظاهر دقة خلق الكائنات الحية:
تركيب الخلية:
الخلية هي الوحدة الأساسية للحياة، وهي تتكون من مكونات دقيقة للغاية، مثل النواة والميتوكوندريا والريبوسومات والشبكة الإندوبلازمية، وتعمل هذه المكونات جميعها معًا في وئام تام، لتؤدي وظائف الخلية المختلفة.
تركيب الكائنات الحية:
تركيب الكائنات الحية معقد للغاية، فعلى سبيل المثال، يتكون جسم الإنسان من تريليونات من الخلايا، وكل خلية من هذه الخلايا لها وظيفة محددة، وتعمل جميع هذه الخلايا معًا في وئام تام، لتؤدي وظائف الجسم المختلفة.
تكاثر الكائنات الحية:
تتكاثر الكائنات الحية بطرق مختلفة، ولكن جميعها تعتمد على عملية الإخصاب، أي اتحاد الحيوان المنوي مع البويضة، وهذه العملية معقدة للغاية، وتتطلب وجود ظروف دقيقة للغاية، حتى تتم بنجاح.
توازن النظام البيئي
لقد خلق الله النظام البيئي في توازن دقيق للغاية، بحيث أن جميع الكائنات الحية تعتمد على بعضها البعض من أجل البقاء، فمثلاً، تعتمد الحيوانات على النباتات في الحصول على الطعام، وتعتمد النباتات على الحيوانات في الحصول على ثاني أكسيد الكربون، وتعتمد الكائنات الحية جميعها على دورة المياه من أجل الحصول على الماء، وهذا التوازن الدقيق هو الذي يحافظ على الحياة على الأرض.
سلسلة الغذاء:
سلسلة الغذاء هي نظام معقد من التفاعلات بين الكائنات الحية، حيث تأكل بعض الكائنات الحية بعضها البعض من أجل الحصول على الطاقة والمواد الغذائية، ومن أمثلة سلاسل الغذاء: السلسلة الغذائية في الغابة، والتي تبدأ بالنباتات، ثم تأكلها الحيوانات العاشبة، ثم تأكلها الحيوانات آكلة اللحوم.
دورة المياه:
دورة المياه هي عملية معقدة من تحرك الماء بين الغلاف الجوي واليابسة والمحيطات، وتتضمن دورة المياه التبخر والتكثيف والهطول والجريان السطحي والتسرب، وتلعب دورة المياه دورًا مهمًا في تنظيم المناخ على الأرض.
توازن النظام البيئي:
توازن النظام البيئي هو نتيجة للتفاعلات المعقدة بين الكائنات الحية المختلفة، وهذا التوازن ضروري من أجل الحفاظ على الحياة على الأرض، فعندما يختل توازن النظام البيئي، فإن ذلك يؤدي إلى حدوث مشاكل بيئية، مثل الاحتباس الحراري والتصحر وفقدان التنوع البيولوجي.
إبداع خلق الإنسان
لقد خلق الله الإنسان على أكمل وجه، قال تعالى: “لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم” (سورة التين: 4)، وجاء في الحديث القدسي: “خلقت آدم على صورتي”، ومن مظاهر إبداع خلق الإنسان:
العقل البشري:
العقل البشري هو من أعظم مخلوقات الله، وهو الذي يميز الإنسان عن باقي الكائنات الحية، والعقل البشري قادر على التفكير والتعلم والإبداع، وهو الذي يجعل الإنسان قادرًا على بناء الحضارات والتقدم العلمي.
الجسم البشري:
الجسم البشري هو تحفة فنية، وهو مكون من أجهزة وأعضاء تعمل جميعها معًا في وئام تام، والجسم البشري قادر على التكيف مع البيئات المختلفة، وهو قادر على تحمل الأمراض والإصابات المختلفة.
الروح البشرية:
الروح البشرية هي الجانب غير المادي من الإنسان، وهي التي تميز الإنسان عن باقي الكائنات الحية، والروح البشرية هي التي تجعل الإنسان قادرًا على الإيمان بالله والعبادة، وهي التي تجعل الإنسان مسؤولاً عن أفعاله.
عظمة خلق الكون
الكون هو من أعظم مخلوقات الله، وهو يتسع بلا حدود، ومن مظاهر عظمة خلق الكون:
اتساع الكون:
الكون متسع للغاية، حيث يقدر العلماء أن قطر الكون المرئي يبلغ حوالي 93 مليار سنة ضوئية، وهذا يعني أن الضوء يحتاج إلى 93 مليار سنة لكي يقطع قطر الكون المرئي، وهذا يدل على عظمة خلق الله وسعة قدرته.
تنظيم الكون:
الكون منظم للغاية، حيث يوجد في الكون مجرات ونجوم وكواكب وأقمار تدور جميعها في مدارات دقيقة للغاية، وهذا يدل على حكمة الله ورحمته بعباده.
إحكام خلق الكون:
الكون محكم للغاية، حيث أن جميع القوانين الفيزيائية والكيميائية تعمل معًا في وئام تام، وهذا يدل على كمال قدرة الله وعظمته.
قدرة الله في التصريف
لقد خلق الله الكون على نظام دقيق للغاية، وهذا النظام يعمل بانتظام وبدقة، ومن مظاهر قدرة الله في التصريف:
دورة النهار والليل:
دورة النهار والليل هي ظاهرة طبيعية تحدث بسبب دوران الأرض حول نفسها، وهي ضرورية من أجل الحياة على الأرض، حيث أن النهار هو الوقت الذي تنشط فيه معظم الكائنات الحية، والليل هو الوقت الذي تستريح فيه معظم الكائنات الحية.
دورة الفصول الأربعة:
دورة الفصول الأربعة هي ظاهرة طبيعية تحدث بسبب دوران الأرض حول الشمس، وهي ضرورية من أجل الزراعة والحياة على الأرض، حيث أن كل فصل من الفصول الأربعة له مناخه الخاص، وله أنشطته الخاصة.