حكم الاقامة في بلاد الكفر

No images found for حكم الاقامة في بلاد الكفر

مقدمة

الإقامة في بلاد الكفر حكمها محل اختلاف بين العلماء، فقد ذهب البعض إلى أنها جائزة مطلقًا، بينما ذهب آخرون إلى أنها ممنوعة مطلقًا، وذهب فريق ثالث إلى أنها مباحة في بعض الحالات وممنوعة في حالات أخرى. وفي هذا المقال، سنحاول استعراض أدلة كل فريق من هذه الفرق، والتوصل إلى حكم الإقامة في بلاد الكفر وفقًا للشرع الإسلامي.

الأدلة على جواز الإقامة في بلاد الكفر

1. قال تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (يونس: 25)، وقد فسّر بعض المفسرين هذه الآية بأنها تدل على جواز الإقامة في أي مكان، بما في ذلك بلاد الكفر، طالما كان ذلك المكان آمنًا ومستقرًا.

2. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة”، وهذا الحديث يدل على أنه لا يجوز قتل المسلم إلا في حالات محددة، منها الردة عن الإسلام، وبالتالي فإن الإقامة في بلاد الكفر ليست من أسباب قتل المسلم.

3. هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وهي مدينة كانت تعيش فيها قبائل يهودية، ولم يمنع ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم من الإقامة فيها والدعوة إلى الإسلام.

الأدلة على منع الإقامة في بلاد الكفر

1. قال تعالى: {وَإِنْ فَارَقَكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَانْقَلَبْتُمْ فَأَقَاتِلُوكُمْ وَأَقْتُلُكُمْ تَقْتِيلَةً أَلِيمَةً} (التوبة: 12)، وقد فسّر بعض المفسرين هذه الآية بأنها تدل على منع الإقامة في بلاد الكفر، لأن ذلك قد يؤدي إلى القتال مع المسلمين.

2. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من أقام بين ظهراني المشركين أربعين صباحًا، حشر معهم”، وهذا الحديث يدل على أن الإقامة في بلاد الكفر لمدة أربعين يومًا أو أكثر قد تؤدي إلى دخول المسلم في دين الكفر.

3. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “لا يحل لمسلم أن يقيم في بلاد الكفر إلا مضطرًا”، وهذا القول يدل على أن الإقامة في بلاد الكفر ممنوعة إلا في حالات الضرورة.

الأدلة على جواز الإقامة في بلاد الكفر في بعض الحالات

1. قال تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ يَتَقُونَ وَيَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ} (غافر: 43)، وقد فسّر بعض المفسرين هذه الآية بأنها تدل على أن الإقامة في بلاد الكفر جائزة للمسلمين المتقين الذين يعملون الصالحات.

2. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “المؤمن بين الكافرين كالغنم بين الذئاب”، وهذا الحديث يدل على أن الإقامة في بلاد الكفر قد تكون جائزة للمسلمين الضعفاء الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم.

3. لجأ بعض الصحابة إلى بلاد الكفر، مثل عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي لجأ إلى الحبشة، وصهيب الرومي رضي الله عنه الذي لجأ إلى القسطنطينية.

الضوابط الشرعية للإقامة في بلاد الكفر

إذا أراد المسلم الإقامة في بلاد الكفر، فعليه أن يلتزم بالضوابط الشرعية التالية:

1. عليه أن يتمسك بدينه الإسلامي، ولا يتأثر بالعادات والتقاليد الكفرية.

2. عليه أن يدعو إلى الإسلام بأسلوب الحكمة والموعظة الحسنة.

3. عليه أن يحافظ على هويته الإسلامية، ولا يتخلى عنها مقابل الإقامة في بلاد الكفر.

4. عليه أن ينتبه إلى خطورة الإقامة في بلاد الكفر على عقيدته وأخلاقه وأولاده.

الآثار السلبية للإقامة في بلاد الكفر

قد تؤدي الإقامة في بلاد الكفر إلى العديد من الآثار السلبية على المسلم، منها:

1. قد تؤدي إلى ضعف الإيمان والتأثر بالعادات والتقاليد الكفرية.

2. قد تؤدي إلى الفتنة والاختلاط بين المسلمين والكفار.

3. قد تؤدي إلى التعرض للاضطهاد والتمييز من قبل الكفار.

4. قد تؤدي إلى تعرض الأولاد للتربية الكفرية.

الخاتمة

حكم الإقامة في بلاد الكفر محل اختلاف بين العلماء، والأرجح أن الإقامة في بلاد الكفر جائزة للمسلمين المتقين الذين يعملون الصالحات، بشرط أن يلتزموا بالضوابط الشرعية وأن ينتبهوا إلى الآثار السلبية المحتملة للإقامة في بلاد الكفر.

أضف تعليق