حكم الشرع في حضانة الأطفال بعد زواج الأم

حكم الشرع في حضانة الأطفال بعد زواج الأم

حكم الشرع في حضانة الأطفال بعد زواج الأم

مقدمة:

تعد حضانة الأطفال بعد زواج الأم من أهم المسائل التي تواجه المرأة بعد الطلاق أو الترمل، وهي مسألة محل جدل بين الفقهاء، ولها آثار كبيرة على حياة الطفل ومستقبله. وفي هذا المقال، سنتناول حكم الشرع في حضانة الأطفال بعد زواج الأم، وسنناقش آراء الفقهاء المختلفة في هذه المسألة، ونستعرض الأدلة التي يستندون إليها.

أولاً: تعريف الحضانة

الحضانة في اللغة تعني تربية الطفل وجعله في حجر الحاضن، وفي الشرع هي حق وواجب على الوالدين تجاه أولادهما، وتستمر حتى بلوغ الولد أو البنت.

ثانياً: أهمية الحضانة

الحضانة لها أهمية كبيرة في حياة الطفل ومستقبله، فهي تؤثر على نموه الجسدي والنفسي والاجتماعي. ولذلك، فإن من مصلحة الطفل أن يكون في حضانة من يتولى رعايته والعناية به، ويوفر له البيئة المناسبة لنموه وتربيته.

ثالثاً: أحكام حضانة الأطفال بعد زواج الأم

اختلف الفقهاء في حكم حضانة الأطفال بعد زواج الأم على ثلاثة أقوال:

القول الأول: يرى هذا القول أن الحضانة تنتقل إلى الأب بعد زواج الأم، لأن الأب هو ولي الأمر على الطفل، وهو المسئول عن تربيته ورعايته. ويستند هذا القول إلى قول الله تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فأنصاف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} [البقرة: 237]. ويرى أنفسهم أن مسألة الحضانة متوقف على الاستمرار في مدرسة العفة، ولكن بعد الزواج الثاني للأم تنقطع العفة، ويسقط حق الأم في الحضانة.

القول الثاني: يرى هذا القول أن الحضانة تبقى للأم بعد زواجها، لأنها هي الأصلح لتربية الطفل ورعايته. ويستند هذا القول إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: “الأم أحق ما لم تتزوج” [رواه أبو داود والترمذي]. ويرى أنفسهم أن بقاء المرأة على ذمتها أولى من إخراج الطفل من بيئته التي عاش وتربى فيها، خصوصا مع وجود زوج جديد للأم قد لا يرحم الطفل.

القول الثالث: يرى هذا القول أن الحضانة تسقط عن الأم بعد زواجها، وينتقل الطفل إلى حضانة الأب أو أحد أقاربه من المحارم. ويستند هذا القول إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يحل لامرأة أن تنكح حتى تستأمر أهلها، ولا يحل لامرأة أن تؤوي يتيماً وهي ذات زوج” [رواه أبو داود والنسائي]. فورد في هذا الحديث أن اليتيم لا يجوز أن يؤويه المرأة التي عندها زوج.

رابعاً: ترجيح القول الثاني

نرى أن القول الثاني هو الأقوى والأرجح، وذلك للأدلة التالية:

1- أن الأصل في الحضانة هو الأم، لأنها هي الأصلح لتربية الطفل ورعايته.

2- أن زواج الأم لا يعني أنها أصبحت غير صالحة للحضانة، بل إنها قد تكون أكثر صلاحيًة، لأنها أصبحت أكثر خبرة وتجربة في تربية الأطفال.

3- أن انتقال الحضانة إلى الأب أو أحد أقاربه من المحارم قد يلحق الضرر بالطفل، خاصة إذا كان الأب متزوجًا من امرأة أخرى أو لديه أطفال من زواج سابق.

خامساً: شروط بقاء الحضانة للأم بعد زواجها

يشترط لبقاء الحضانة للأم بعد زواجها ما يلي:

1- أن تكون الأم صالحة أخلاقيًا ودينيًا.

2- أن تكون الأم قادرة على توفير الرعاية والتربية المناسبة للطفل.

3- ألا تتزوج الأم من رجل لا يصلح للطفل أو قد يلحق به الضرر.

سادساً: سقوط الحضانة عن الأم بعد زواجها

تسقط الحضانة عن الأم بعد زواجها في الحالات التالية:

1- إذا تزوجت الأم من رجل لا يصلح للطفل أو قد يلحق به الضرر.

2- إذا أهملت الأم الطفل أو أساءت معاملته.

3- إذا ثبت أن الأم غير قادرة على توفير الرعاية والتربية المناسبة للطفل.

سابعاً: الخاتمة

ختامًا، نرى أن القول الأقوى والأرجح في مسألة حضانة الأطفال بعد زواج الأم هو القول الذي يرى أن الحضانة تبقى للأم بعد زواجها، وذلك للأدلة التي ذكرناها. وندعو جميع الأطراف إلى مراعاة مصلحة الطفل الفضلى عند اتخاذ قرار بشأن حضانته.

أضف تعليق