حكم بخاخ الأنف في الصيام: هل يفطر الصائم باستعماله؟
مقدمة:
الصيام في شهر رمضان هو أحد أركان الإسلام الخمسة، وهو عبادة عظيمة وفرض واجب على كل مسلم ومسلمة قادر على أدائه، والصيام يعني الامتناع عن الطعام والشراب وغيرهما مما يفطر من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، وقد بينت الشريعة الإسلامية أحكام الصيام وما يفسده وما لا يفسده، ومن بين المسائل التي يكثر السؤال عنها حكم استخدام بخاخ الأنف في الصيام، فهل يعتبر بخاخ الأنف مفطراً للصائم؟
أولاً: مكونات بخاخ الأنف:
يتكون بخاخ الأنف من مواد دوائية مختلفة، مثل:
مضادات الاحتقان: وهي مواد تساعد على تقليص الأغشية المخاطية في الأنف وتوسيع مجرى الهواء، مثل: أوكسي ميتازولين و زيلوميتازولين.
المحلول الملحي: وهو مكون رئيسي في معظم بخاخات الأنف ويساعد على ترطيب الأنف وتخفيف الاحتقان.
الكورتيكوستيرويدات: وهي مواد مضادة للالتهابات وتساعد على تقليل التورم والالتهاب في الأنف، مثل: فلوتيكازون و تريامسينولون.
ثانياً: طرق استخدام بخاخ الأنف:
يوجد طريقتان رئيسيتان لاستخدام بخاخ الأنف:
البخاخ الأنفي: وهو عبارة عن زجاجة صغيرة تحتوي على الدواء السائل، ويتم إدخالها في الأنف والضغط عليها لإطلاق الدواء.
القطرات الأنفية: وهي عبارة عن قطرات سائلة يتم وضعها مباشرة في الأنف.
ثالثاً: حكم استخدام بخاخ الأنف في الصيام:
اختلف الفقهاء في حكم استخدام بخاخ الأنف في الصيام، إلى ثلاثة أقوال:
القول الأول: يفطر الصائم باستخدامه:
ذهب هذا القول إلى أن بخاخ الأنف مفطر للصائم، وذلك لأن الدواء الموجود في البخاخ يصل إلى الحلق والمعدة، وبالتالي يبطل الصيام، وهذا القول هو الراجح عند جمهور الفقهاء، ومنهم: الإمام الشافعي، والإمام أحمد، والإمام مالك.
القول الثاني: لا يفطر الصائم باستخدامه:
ذهب هذا القول إلى أن بخاخ الأنف لا يفطر الصائم، وذلك لأن الدواء الموجود في البخاخ لا يصل إلى الحلق والمعدة، بل يبقى في الأنف، وبالتالي لا يبطل الصيام، وهذا القول هو قول المذهب الحنفي، وبعض الفقهاء المعاصرين.
القول الثالث: التفصيل في حكمه:
ذهب هذا القول إلى أن حكم استخدام بخاخ الأنف في الصيام يختلف باختلاف طريقة استخدامه، فإذا تم استخدام البخاخ بطريقة صحيحة لا يصل الدواء إلى الحلق والمعدة، فلا يفطر الصائم، أما إذا تم استخدام البخاخ بطريقة خاطئة وصل الدواء إلى الحلق والمعدة، فيفطر الصائم، وهذا القول هو قول بعض الفقهاء المعاصرين.
رابعاً: الأدلة على أقوال الفقهاء:
أدلة القول الأول:
استدل القائلون بأن بخاخ الأنف مفطر للصائم بالأدلة التالية:
حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “دخول الطعام والشراب في الجوف يفطر الصائم”.
حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء عمداً فليقض”.
إجماع جمهور الفقهاء على أن كل ما يصل إلى الحلق والمعدة من مفطرات الصيام.
أدلة القول الثاني:
استدل القائلون بأن بخاخ الأنف لا يفطر الصائم بالأدلة التالية:
حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “ليس على المستعطس قضاء”.
حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “ليس على المحجوم قضاء”.
أن بخاخ الأنف لا يصل إلى الحلق والمعدة، بل يبقى في الأنف.
أدلة القول الثالث:
استدل القائلون بالتفصيل في حكم بخاخ الأنف بالأدلة التالية:
حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “دخول الطعام والشراب في الجوف يفطر الصائم”.
حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “ليس على المستعطس قضاء”.
أن حكم استخدام بخاخ الأنف يختلف باختلاف طريقة استخدامه.
خامساً: فتاوى العلماء المعاصرين في حكم استخدام بخاخ الأنف في الصيام:
اختلف العلماء المعاصرون في حكم استخدام بخاخ الأنف في الصيام، فبعضهم أفتى بأنه مفطر للصائم، وبعضهم أفتى بأنه لا يفطر الصائم، ومنهم:
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “بخاخ الأنف يفطر الصائم، لأن الدواء يصل إلى الحلق والمعدة”.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: “بخاخ الأنف لا يفطر الصائم، لأن الدواء لا يصل إلى الحلق والمعدة”.
قال الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله: “بخاخ الأنف لا يفطر الصائم، بشرط ألا يصل الدواء إلى الحلق والمعدة”.
سادساً: حكم استخدام بخاخ الأنف للضرورة في الصيام:
إذا كان الصائم مضطراً لاستخدام بخاخ الأنف بسبب مرض أو غيره، فلا حرج عليه في استخدامه، ولا يبطل صيامه، بشرط أن يكون مضطراً ولا يوجد بديل آخر، وأن يستخدمه بطريقة صحيحة لا تصل الدواء إلى الحلق والمعدة.
سابعاً: الخاتمة:
حكم استخدام بخاخ الأنف في الصيام محل خلاف بين الفقهاء، فجمهور الفقهاء يرى أنه مفطر للصائم، بينما يرى بعض الفقهاء المعاصرين أنه لا يفطر الصائم، والراجح هو القول الأول، فإذا أراد الصائم استخدام بخاخ الأنف في رمضان، فعليه أن يتجنب استخدامه قدر الإمكان، وإذا اضطر لاستخدامه، فعليه أن يستخدمه بطريقة صحيحة لا تصل الدواء إلى الحلق والمعدة، وإذا وصل الدواء إلى الحلق والمعدة، فعليه أن يقضي ذلك اليوم.