حكم سماع الاغاني في نهار رمضان

حكم سماع الاغاني في نهار رمضان

حكم سماع الأغاني في نهار رمضان

المقدمة:

شهر رمضان هو شهر العبادة والطاعة، وقد خصه الله تعالى بالكثير من الفضائل والميزات، ومنها أن جعل فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، كما أنه شهر المغفرة والرحمة والعتق من النار، لذلك يجب على المسلم أن يغتنم هذا الشهر الكريم وأن يكثر فيه من الطاعات والعبادات، وأن يبتعد عن كل ما يبطل صيامه أو ينقص أجره، ومن هذه الأمور سماع الأغاني.

حكم سماع الأغاني في نهار رمضان:

اختلف الفقهاء في حكم سماع الأغاني في نهار رمضان، فذهب بعضهم إلى أنه حرام مطلقًا، وذهب آخرون إلى أنه جائز بشرط ألا يكون فيه ما يلهي عن الصيام أو يفسد الخشوع، وذهب فريق ثالث إلى التفصيل بين سماع الأغاني التي تحتوي على كلمات محرمة أو موسيقى محرمة وبين سماع الأغاني التي لا تحتوي على شيء من ذلك.

الأدلة على تحريم سماع الأغاني في نهار رمضان:

1. أن سماع الأغاني من اللهو واللغو، وقد قال تعالى: {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “من قال هلك الناس فهو أهلكهم”، وسماع الأغاني من أسباب هلاك الإنسان لأنه يلهيه عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة والصيام والقرآن الكريم.

2. أن سماع الأغاني من أسباب الفتنة والإغراء، وقد قال تعالى: {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام”، وسماع الأغاني يثير الشهوات والرغبات المحرمة، وقد يؤدي إلى الوقوع في الزنا والفساد.

3. أن سماع الأغاني من أسباب إفساد القلب، وقد قال تعالى: {وفي قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب”، وسماع الأغاني يفسد القلب ويجعله ميالًا إلى المعاصي والشهوات ويضعف إيمانه بالله تعالى.

الأدلة على جواز سماع الأغاني في نهار رمضان:

1. أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمع الغناء في بعض الأحيان، فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: “دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرهما وقال: مزمارة الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دعهما يا أبا بكر، فإن لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا”، وهذا يدل على أن سماع الأغاني ليس حرامًا مطلقًا.

2. أن بعض الصحابة كانوا يسمعون الغناء، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي، فدخل علي ابن عم لي، ومعه جاريتان تغنيان، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على عيني، فقلت: يا رسول الله، إنهما جاريتاي تغنيان، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، وقال: إن كنتما غنيتما فاجعلا بينكما سترًا”، وهذا يدل على أن الصحابة كانوا يسمعون الغناء في حضور النبي صلى الله عليه وسلم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينههم عن ذلك.

3. أن الغناء ليس من المحرمات التي نهى عنها الشرع، فلم يرد في القرآن الكريم أو السنة النبوية ما يدل على تحريم الغناء، لذلك لا يجوز تحريمه إلا بدليل شرعي، وليس هناك دليل شرعي على تحريم الغناء.

الضوابط الشرعية لسماع الأغاني في نهار رمضان:

1. ألا يكون الغناء فيه كلمات محرمة أو موسيقى محرمة، مثل الأغاني التي تحتوي على ألفاظ بذيئة أو فاحشة أو كلمات كفر أو شرك أو أغاني تحتوي على موسيقى صاخبة أو صاخبة أو موسيقى محددة.

2. ألا يلهي الغناء عن الصيام أو يفسد الخشوع، فلا يجوز سماع الأغاني أثناء الصلاة أو أثناء تلاوة القرآن الكريم أو أثناء الذكر والدعاء، ويجب على المسلم أن يبتعد عن كل ما يلهيه عن طاعة الله تعالى.

3. ألا يكون الغناء سببًا في إفساد القلب أو إضعاف الإيمان بالله تعالى، فلا يجوز سماع الأغاني التي تثير الشهوات والرغبات المحرمة أو الأغاني التي تمدح الكفار أو المشركين أو الأغاني التي تعرض الدين الإسلامي للسخرية أو الاستهزاء.

الآثار السلبية لسماع الأغاني في نهار رمضان:

1. إبطال الصيام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من أفطر يومًا من رمضان من غير رخصة ولا مرض فليس له قضاؤه”، وسماع الأغاني من أسباب إبطال الصيام لأنه يلهي عن الصيام ويجعله لا يستشعر جوعه وعطشه، وقد يؤدي إلى تناول الطعام والشراب أثناء الصيام.

2. إفساد الخشوع في الصلاة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن”، وسماع الأغاني قبل الصلاة أو أثناء الصلاة يمنع الخشوع والتركيز في الصلاة، وقد يؤدي إلى بطلان الصلاة.

3. إضعاف الإيمان بالله تعالى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من غنى فكأنما زمر على رءوس الشياطين”، وسماع الأغاني يضعف الإيمان بالله تعالى ويجعله ميالًا إلى المعاصي والشهوات، وقد يؤدي إلى الكفر بالله تعالى.

الآثار الإيجابية لسماع الأغاني في نهار رمضان:

1. تقوية أواصر المحبة والألفة بين المسلمين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “المؤمنون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، وذمتهم واحدة، يسعى بذمتهم أدناهم، وهم كرجل واحد”، وسماع الأغاني التي تمدح النبي صلى الله عليه وسلم والمصحابة والعلماء والصالحين تقوي أواصر المحبة والألفة بين المسلمين.

2. بث روح البهجة والسرور في نفوس المسلمين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده”، وسماع الأغاني التي تحتوي على كلمات جميلة ولحون عذبة ينشر البهجة والسرور في نفوس المسلمين ويساعدهم على تحمل مشاق الصيام.

3. تذكير المسلمين بنعم الله تعالى عليهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أنعم الله عليك نعمة فادع الأخوان، واطعم الجيران”، وسماع الأغاني التي تمدح نعم الله تعالى على المسلمين تذكرهم بنعمه وتشجعهم على شكرها، وتشجعهم على المزيد من الأعمال الصالحة.

الخلاصة:

يجوز سماع الأغاني في نهار رمضان بشرط ألا يكون فيها شيء محرم وألا تلهي عن الصيام أو تفسد الخشوع، وقد يكون للغناء بعض الآثار الإيجابية مثل تقوية أواصر المحبة والألفة بين المسلمين ونشر البهجة والسرور في نفوسهم وتذكيرهم بنعم الله تعالى عليهم.

أضف تعليق