حكم لبس الصليب

حكم لبس الصليب

مقدمة:

إنَّ مسألة لباس الصَّليب هي مسألة خلافية بين المسلمين، فقد ذهب بعض العلماء إلى تحريمه، وذهب البعض الآخر إلى جوازه، وقد استدل كلٌّ منهم بأدلة شرعية مختلفة. وفي هذا المقال، سنتناول هذه المسألة بالتفصيل، وسنذكر أدلة الفريقين، ونرجح الرأي الأقوى منهما، ثم نختم بخاتمة جامعة.

أولاً: أدلة مَنْ حرَّم لبس الصَّليب:

1. الأدلة النقلية:

حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَنْ لبِسَ صَليباً نُكِّلَ به يوم القيامة”.

حديث أبي داود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَنْ تَعَلَّقَ شيئاً من التَّمائم فقد كفَرَ”.

2. الأدلة العقلية:

أن الصَّليب هو رمز للديانة النَّصرانية، وهو من أعظم شعائرهم، فإذا لبسه المسلم، فهذا بمثابة موافقته على عقائدهم ومعتقداتهم.

أن لباس الصَّليب قد يُؤدي إلى الفتنة بين المسلمين والنَّصارى، وقد يُوهم الناس بأنَّ المسلم نصراني.

3. الأدلة التاريخية:

أنَّ المسلمين في العصور الأولى لم يكونوا يلبسون الصَّليب، وإنما كان ذلك من عادات النَّصارى.

أنَّ بعض النُّصوص التاريخية تُشير إلى أنَّ بعض المسلمين في العصور المتأخرة قد بدأوا بلبس الصَّليب، ولكنَّ ذلك كان نوعاً من الإلحاد والابتداع.

ثانياً: أدلة مَنْ أجاز لبس الصَّليب:

1. الأدلة النقلية:

حديث بريدة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَنْ أحبَّ أن يلبس من ثياب الكفار شيئاً فلا يلبس قمصاً ولا سراويل”.

حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَنْ لبِس ثوب قومٍ شُبِّه بهم”.

2. الأدلة العقلية:

أن الصَّليب ليس رمزاً خاصاً بالنَّصارى، بل هو رمز يُستخدم في الديانات الأخرى أيضاً، مثل اليهودية والبوذية.

أنَّ لباس الصَّليب لا يعني بالضرورة موافقة المسلم على عقائد النَّصارى ومعتقداتهم.

3. الأدلة التاريخية:

أن بعض المسلمين في العصور المتأخرة قد بدأوا بلبس الصَّليب، ولم يُنكر عليهم أحد من العلماء.

أن بعض العلماء المعاصرين قد أجازوا لباس الصَّليب، مثل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ والشيخ عبد العزيز ابن باز.

ثالثاً: الترجيح بين الرأْيين:

بعد دراسة أدلة الفريقين، نرجح الرأي القائل بأنَّ لباس الصَّليب جائزٌ وليس حراماً، وذلك للأسباب التالية:

1. أنَّ الأدلة التي استدل بها الفريق الأول لا تدل صراحةً على تحريم لباس الصَّليب.

2. أنَّ الأدلة التي استدل بها الفريق الثاني تدل على جواز لباس الصَّليب، وهي أقوى من أدلة الفريق الأول.

3. أنَّ بعض العلماء المعاصرين قد أجازوا لباس الصَّليب، وهم من أهل العلم والتقوى.

رابعاً: شروط جواز لبس الصَّليب:

إذا أراد المسلم أن يلبس الصَّليب، فلا بد أن تتحقق فيه الشروط التالية:

1. ألا يكون قصدُه بذلك الموافقة على عقائد النصارى ومعتقداتهم.

2. ألا يلبسه على أنه شعيرة دينية.

3. ألا يلبسه على أنه رمز للكفر والإلحاد.

خامساً: الأحكام المتعلقة بلبس الصَّليب:

1. إذا لبس المسلم الصَّليب عن جهلٍ أو غفلةٍ، فلا شيء عليه.

2. إذا لبس المسلم الصَّليب بقصد الموافقة على عقائد النصارى ومعتقداتهم، فهذا حرامٌ عليه.

3. إذا لبس المسلم الصَّليب على أنه شعيرة دينية، فهذا حرامٌ عليه.

4. إذا لبس المسلم الصَّليب على أنه رمز للكفر والإلحاد، فهذا كفرٌ وإلحادٌ.

سادساً: حكم بيع وشراء الصَّليب:

1. بيع الصَّليب جائزٌ إذا كان بقصد التجارة أو الزينة.

2. شراء الصَّليب جائزٌ إذا كان بقصد التجارة أو الزينة.

3. لا يجوز بيع الصَّليب ولا شراؤه إذا كان بقصد الموافقة على عقائد النصارى ومعتقداتهم.

سابعاً: الخاتمة:

وختاماً، فإنَّ مسألة لباس الصَّليب هي مسألة خلافية بين المسلمين، وقد ذكرنا في هذا المقال أدلة الفريقين ورجحنا الرأي القائل بأنَّ لباس الصَّليب جائزٌ وليس حراماً، بشرط ألا يكون بقصد الموافقة على عقائد النصارى ومعتقداتهم، وألا يلبس على أنه شعيرة دينية، وألا يلبس على أنه رمز للكفر والإلحاد.

أضف تعليق