خطبة عن التسامح والعفو

خطبة عن التسامح والعفو

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن التسامح والعفو من أعظم الأخلاق التي حث عليها الإسلام، وأمر بها، ورغب فيها، وأثنى على أهلها، لما لها من آثار عظيمة في صلاح الفرد والمجتمع، ونشر المحبة والإخاء، وإطفاء نيران الفتن والنزاعات.

1. مفهوم التسامح والعفو:

– التسامح والعفو بمعنى واحد تقريبًا، وهو تجاوز الإساءة التي وقعت من الغير، وعدم المطالبة بالقصاص أو الانتقام، بل تجاوز الأمر وكأن شيئًا لم يكن.

– التسامح والعفو من شيم الكرماء، وأخلاق العظماء، وأفعال الأقوياء، فمن سامح وعفا فهو قوي النفس، عزيز الجانب، حليم الصدر.

– التسامح والعفو من أعظم العبادات وأحبها إلى الله تعالى، قال الله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].

2. آثار التسامح والعفو:

– التسامح والعفو يقرب القلوب ويؤلف بينها، ويبدل العداوة مودة، والبغضاء محبة، والخصومة ألفة، والشقاق وفاقًا.

– التسامح والعفو يحفظ المجتمع من الفتن والنزاعات والحروب، وينشر فيه الأمن والسلام والطمأنينة.

– التسامح والعفو يجعل صاحبه محبوبًا بين الناس، مقبولاً عندهم، يميلون إليه ويحبونه ويحترمونه.

3. كيف نتسامح وנעفو؟

– أولًا: نستحضر عظيم أجر التسامح والعفو عند الله تعالى، وأن الله قد وعد المتسامحين بالجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كظم غيظه، وهو قادر على أن ينفذه، ملأ الله قلبه رضًا يوم القيامة” [أبو داود].

– ثانيًا: نتذكر أننا جميعًا بشر، معرضون للخطأ والنسيان، وأن من أخطأ في حقنا قد أخطأ في حق نفسه أكثر منا، لأنه أساء إلى روحه قبل أن يسيء إلينا.

– ثالثًا: نتذكر أن التسامح والعفو من شيم الكرماء، وأخلاق العظماء، وأفعال الأقوياء، فمن سامح وعفا فهو قوي النفس، عزيز الجانب، حليم الصدر.

4. التسامح والعفو في القرآن الكريم والسنة النبوية:

– حث القرآن الكريم على التسامح والعفو في آيات كثيرة، منها قوله تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: 237].

– ذكر الله تعالى قصة سيدنا يوسف عليه السلام مع إخوته الذين ظلموه وباعوه بثمن بخس، وكيف أنه سامحهم وعفا عنهم، قال تعالى: {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92].

– كذلك حثت السنة النبوية على التسامح والعفو، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أخبركم بأفضل من الصدقة؟ قالوا: بلى، يا رسول الله، قال: أن تعفو عمن ظلمك” [ابن حبان].

5. فضل التسامح والعفو:

– التسامح والعفو من أسباب دخول الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أدلكم على أبواب الجنة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: تلينوا الناس وتطعموا الطعام، وتصلوا بالليل والناس نيام” [ابن ماجه].

– التسامح والعفو من أسباب علو الدرجات عند الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه” [البخاري].

– التسامح والعفو من أسباب استجابة الدعاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لم يرحم لا يرحم” [البخاري].

6. التسامح والعفو في الحياة العملية:

– التسامح والعفو ضروري في الحياة العملية، ففي كل يوم نواجه مواقف صعبة وتحديات، وقد نتعرض لظلم أو إساءة من الآخرين، فإذا لم نتسامح ونعفو فإننا سنعيش في حالة من الغضب والتوتر، وسوف نتأثر سلبًا على حياتنا العملية.

– التسامح والعفو يساعدان على حل الخلافات والنزاعات، فإذا حدث خلاف بينك وبين زميلك في العمل، أو بينك وبين رئيسك، فإن التسامح والعفو يمكن أن يساعدا على حل الخلاف بشكل سلمي، وإعادة العلاقة بينكما إلى طبيعتها.

– التسامح والعفو يجعلانك شخصًا إيجابيًا ومتفائلًا، فإذا كنت شخصًا متسامحًا وعفويًا فإنك ستكون أكثر إيجابية وتفاؤلًا في حياتك، وستتغلب على التحديات والصعوبات التي تواجهك بسهولة أكبر.

7. كيف نساعد الآخرين على التسامح والعفو؟

– أولًا: نكون قدوة حسنة لهم، فإذا كنا نحن متسامحين وعفوين، فإن الآخرين سيتعلمون منا التسامح والعفو.

– ثانيًا: نشجعهم على التسامح والعفو، وندعوهم إلى ذلك بالأقوال والأفعال.

– ثالثًا: نساعدهم على فهم أسباب التسامح والعفو، ونبين لهم آثاره الإيجابية على الفرد والمجتمع.

الخاتمة:

التسامح والعفو من أعظم الأخلاق التي حث عليها الإسلام وأمر بها، لما لها من آثار عظيمة في صلاح الفرد والمجتمع، ونشر المحبة والإخاء، وإطفاء نيران الفتن والنزاعات، فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتسامحين العافين، وأن يوفقنا لما فيه خير الدنيا والآخرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *