الخطبة: شهادة الزور
المقدمة:
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فلا يخفى على أي مسلم عاقل رشيد خطورة شهادة الزور وما فيها من إثم عظيم وضرر كبير على الأفراد والمجتمعات، وقد حذرنا الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم من شهادة الزور وبيّن لنا عقوبتها في الدنيا والآخرة.
1. تعريف شهادة الزور:
شهادة الزور هي الإدلاء بشهادة كاذبة عن واقعة لم تحدث أو حدثت على غير ما شهد به الشاهد، وذلك بقصد الإضرار بالآخرين أو تحقيق مكاسب شخصية. وشهادة الزور من كبائر الذنوب التي نهى عنها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد توعد الله تعالى من يقترفها بعقوبة شديدة في الدنيا والآخرة.
2. أسباب شهادة الزور:
هناك العديد من الأسباب التي قد تدفع الشخص إلى الإدلاء بشهادة زور، ومن أبرزها:
الحقد والكراهية: قد يلجأ الشخص إلى شهادة الزور بدافع الحقد والكراهية تجاه شخص آخر، وذلك بهدف الإضرار به وتشويه سمعته.
الطمع والمال: قد يدفع الطمع والمال بعض الأشخاص إلى الإدلاء بشهادة زور، وذلك مقابل الحصول على منفعة مادية أو مكسب شخصي.
الخوف والتهديد: قد يلجأ بعض الأشخاص إلى شهادة الزور تحت وطأة الخوف والتهديد، وذلك خوفًا من بطش الظالمين أو إرهابهم.
الجهل وعدم العلم: قد يقع بعض الأشخاص في شهادة الزور بسبب الجهل وعدم العلم بأحكام الشريعة الإسلامية ومخاطر شهادة الزور.
3. أنواع شهادة الزور:
تنقسم شهادة الزور إلى نوعين رئيسيين:
الشهادة الكاذبة: وهي الشهادة التي يتعمد فيها الشاهد الكذب والادعاء بوقوع واقعة لم تحدث أو حدثت على غير ما شهد به.
الشهادة الناقصة: وهي الشهادة التي يحذف فيها الشاهد بعض الحقائق أو يغير فيها، وذلك بهدف الإضرار بالآخرين أو تحقيق مكاسب شخصية.
4. عقوبة شهادة الزور:
توعد الله تعالى من يقترف شهادة الزور بعقوبة شديدة في الدنيا والآخرة، فقد قال تعالى في سورة النور: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.
كما توعد النبي صلى الله عليه وسلم من يقترف شهادة الزور باللعن في الدنيا والآخرة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: “لعن الله من شهد شهادة زور، ولعن من حلف على يمين صبر ليقطع بها مال امرئ مسلم”.
5. أضرار شهادة الزور:
تترتب على شهادة الزور العديد من الأضرار على الأفراد والمجتمعات، ومن أبرزها:
الظلم: حيث تؤدي شهادة الزور إلى ظلم الأبرياء وإلحاق الضرر بهم.
تضليل القضاء: تؤدي شهادة الزور إلى تضليل القضاء وإصدار أحكام جائرة ظالمة.
هدم المجتمع: تؤدي شهادة الزور إلى هدم المجتمع وإضعاف أواصر الثقة بين أفراده.
نشر الفساد: تؤدي شهادة الزور إلى نشر الفساد والظلم في المجتمع.
6. كيف نتجنب شهادة الزور:
هناك العديد من الخطوات التي يمكننا اتخاذها لتجنب شهادة الزور، ومن أبرزها:
تقوى الله تعالى: علينا أن نتقي الله تعالى في أقوالنا وأفعالنا، وأن نخشى عقابه في الدنيا والآخرة.
معرفة أحكام الشريعة الإسلامية: علينا أن نتعلم أحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بشهادة الزور، وأن نكون على بينة من مخاطرها وعقوبتها.
الصدق والأمانة: علينا أن نتحلى بالصدق والأمانة في أقوالنا وأفعالنا، وأن نبتعد عن الكذب والغش والخداع.
العدل والإنصاف: علينا أن نكون عادلين ومنصفين في تعاملاتنا مع الآخرين، وأن لا نشهد إلا بالحق.
محاربة الظلم والفساد: علينا أن نتصدى للظلم والفساد ونناهضه بكل ما أوتينا من قوة، وأن لا نسكت عن شهادة الزور أو أي شكل من أشكال الظلم.
الخاتمة:
ختامًا، فإن شهادة الزور من كبائر الذنوب التي نهى عنها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد توعد الله تعالى من يقترفها بعقوبة شديدة في الدنيا والآخرة. وعلينا أن نتقي الله تعالى في أقوالنا وأفعالنا، وأن نبتعد عن شهادة الزور بكل أشكالها وأنواعها، وأن ندعو الله تعالى أن يهدينا إلى الصراط المستقيم وأن يجنبنا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.