محاضرة عن التوبة

المقدمة:

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فإن من أهم العبادات التي أمرنا الله تعالى بها هي التوبة، وهي الرجوع عن الذنب والإقلاع عنه والندم عليه والعزم على عدم العودة إليه، والتوبة واجبة على كل مسلم ومسلمة، لأن الإنسان مهما بلغ من الكمال فإنه معرض للخطأ والذنب، وقد قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].

الخطوات الخمس للتوبة:

1. الإقلاع عن الذنب: وهو ترك الذنب فورًا وعدم العودة إليه، وقد قال الله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمر: 54].

2. الندم على الذنب: وهو الشعور بالحزن والأسف على ارتكاب الذنب، وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 117].

3. العزم على عدم العودة إلى الذنب: وهو التصميم على عدم العودة إلى الذنب مرة أخرى، وقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأعراف: 153].

4. قضاء الحقوق: وهو رد الحقوق إلى أصحابها إن كان الذنب قد أضر بهم، وقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: 60].

5. التوبة النصوح: وهي التوبة التي تكون خالصة لوجه الله تعالى، وقد قال الله تعالى: {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النساء: 17].

أسباب التوبة:

1. الخوف من الله تعالى: وهو الشعور بالخشية من الله تعالى وعقابه، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتَّقُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [فاطر: 18].

2. الرجاء في رحمة الله تعالى: وهو الأمل في أن يغفر الله الذنوب ويتجاوز عن السيئات، وقد قال الله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82].

3. حب الله تعالى: وهو الشعور بالمحبة لله تعالى والرغبة في التقرب إليه، وقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165].

ثمار التوبة:

1. مغفرة الذنوب: وهي عفو الله تعالى عن الذنوب والتجاوز عنها، وقد قال الله تعالى: {مَنْ تَابَ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الفرقان: 70].

2. محبة الله تعالى: وهي حب الله تعالى للمتوبين والتقرب إليهم، وقد قال الله تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].

3. دخول الجنة: وهي الفوز بالنعيم المقيم في الجنة، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَابُوا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا} [البقرة: 277].

شروط التوبة:

1. الإخلاص: وهو أن تكون التوبة خالصة لوجه الله تعالى، لا لغيره، وقد قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5].

2. الشمول: وهو أن تشمل التوبة جميع الذنوب، لا بعضها فقط، وقد قال الله تعالى: {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8].

3. الاستمرار: وهو أن تستمر التوبة ولا يعود الإنسان إلى الذنب مرة أخرى، وقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَعُودُونَ لِمَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135].

أقسام التوبة:

1. التوبة العامة: وهي التوبة من الذنوب بشكل عام، دون تحديد نوع الذنب، وقد قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].

2. التوبة الخاصة: وهي التوبة من ذنب معين، وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110].

3. التوبة النصوح: وهي التوبة التي تكون خالصة لوجه الله تعالى، وتكون مصحوبة بالندم على الذنب والعزم على عدم العودة إليه، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين} [البقرة: 222].

الخاتمة:

التوبة واجبة على كل مسلم ومسلمة، لأن الإنسان مهما بلغ من الكمال فإنه معرض للخطأ والذنب، والتوبة هي الرجوع عن الذنب والإقلاع عنه والندم عليه والعزم على عدم العودة إليه، وهي من أهم العبادات التي أمرنا الله تعالى بها، ولها ثمار عظيمة، منها: مغفرة الذنوب، ومحبة الله تعالى، ودخول الجنة.