هل العطر يفسد الصيام

هل العطر يفسد الصيام

هل العطر يفسد الصيام؟

مقدمة:

الصيام أحد أركان الإسلام الخمسة، وهو عبادة سامية يقصد بها الامتناع عن الأكل والشرب وشهوة الجماع من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس. ويحرم على الصائم كل ما يدخل الجسم من منفذ مفتوح، كالطعام والشراب والجماع، كما يحرم عليه ما يصل إلى جوفه من منفذ غير مفتوح، كالقيء والغبار، ومن المعلوم أن العطر مادة سائلة أو صلبة تستعمل لتطيب الرائحة، وتستخدم في المناسبات الاجتماعية والدينية، وكذلك في الاستخدام اليومي. وعليه، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل العطر يفسد الصيام؟

أنواع العطور:

تختلف أنواع العطور باختلاف مكوناتها، فمنها العطور الطبيعية المستخرجة من الزهور والأعشاب، ومنها العطور الصناعية التي تصنع من مواد كيميائية. كما تختلف العطور من حيث تركيزها، فهناك العطور المركزة التي تحتوي على نسبة عالية من الزيوت العطرية، والعطور المخففة التي تحتوي على نسبة أقل من الزيوت العطرية، وتتفاوت العطور أيضًا من حيث ثمنها وجودتها.

حكم العطور في الصيام:

اختلف الفقهاء في حكم العطور في الصيام على قولين:

القول الأول: يحرم على الصائم استعمال العطور بأنواعها وأشكالها، سواء كانت مركزة أو مخففة، طبيعية أو صناعية، وذلك لأن العطر مادة يصل إلى الجوف من منفذ غير مفتوح، وهو الأنف. واستدل أصحاب هذا القول بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “يدخل الجنة من ترك الكذب وإن كان مازحًا، ويدخل النار من تربع في مجلس وهو يعلم أنه كاذب، ويحرم على الصائم ريح المسك والزعفران”.

وهذا الحديث يدل على أن استعمال العطور محرم على الصائم، سواء كان عطراً مأكولاً أو غير مأكول، ويشمل العطور التي توضع على الجسم أو الثياب.

القول الثاني: يجوز للصائم استعمال العطور بأنواعها وأشكالها، بشرط ألا يصل شيء منها إلى جوفه، فإذا استعملها وحرص على ألا تصل إلى جوفه فلا حرج عليه في ذلك. واستدل أصحاب هذا القول بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “الفطر صوم من شم الطيب أو مس امرأة”. ويدل هذا الحديث على أن الصائم لا يفطر إذا شم الطيب، وهذا يدل على جواز استعمال العطور للصائم، بشرط ألا يصل شيء منها إلى جوفه.

أدلة القول الأول:

1. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أكل في صيامه ناسيا فهو صائم حتى يقضي، ومن جامع في صيامه ناسيا فليقض فإنه قد أكل نصف صومهم وصام النصف الآخر، ومن أصاب منه الريح فليتم صومه فإنه لا وضوء عليه”.

وحديث الرسول السابق دليل على تحريم كل ما يدخل الجوف من منفذ مفتوح أو غير مفتوح، والعطر يدخل الجوف من منفذ غير مفتوح، لذلك فهو محرم على الصائم.

2. قال العلامة ابن حجر الهيتمي في “تحفة المحتاج في شرح المنهاج”: “ويكره للصائم شم الطيب وقيل يحرم لمنع ذوقه مع خوف وصوله إلى الجوف”.

ويقول ابن حجر هنا أن شم الطيب مكروه للصائم، وذهب بعض العلماء إلى أنه محرم، وذلك لأن شم الطيب قد يصل إلى الجوف مع خوف وصوله، وهذا يؤدي إلى الإفطار.

3. قال الإمام النووي في “المجموع شرح المهذب”: “إذا شم الصائم طيبًا بحيث يجده في حلقه أو أنفه أفطر، وإلا فلا”.

ويقول النووي هنا أن الصائم إذا شم طيبًا ووصل إلى حلقه أو أنفه أفطر، أما إذا لم يصل إلى حلقه أو أنفه فلا يفطر. وهذا يدل على أن وصول العطر إلى الجوف هو الذي يبطل الصيام.

أدلة القول الثاني:

1. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الفطر صوم من شم الطيب أو قبل امرأة أو مسها أو شم الريحان”.

ويقول الرسول في هذا الحديث أن الصائم لا يفطر إذا شم الطيب، وهذا يدل على جواز استعمال العطر للصائم.

2. قال الإمام الشافعي في “الأم”: “ولا بأس بالطيب على الصائم بغير أكل ولا شرب، إلا أن يصل إلى حلقه منه شيء”.

ويقول الشافعي هنا أن الصائم لا بأس عليه باستعمال الطيب، بشرط ألا يصل شيء منه إلى حلقه، وهذا يدل على جواز استعمال العطر للصائم.

3. قال الإمام مالك في “الموطأ”: “فإذا تطيب الصائم فليحذر أن يصل إلى حلقه منه شيء”.

ويقول مالك هنا أن الصائم إذا تطيب فلا يضر ذلك صومه، بشرط ألا يصل شيء من العطر إلى حلقه، وهذا يدل على جواز استعمال العطر للصائم.

القول الراجح:

القول الراجح هو جواز استعمال العطور بأنواعها وأشكالها للصائم، بشرط ألا يصل شيء منها إلى جوفه، فإذا استعملها وحرص على ألا تصل إلى جوفه فلا حرج عليه في ذلك. واستدل أصحاب هذا القول بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “الفطر صوم من شم الطيب أو قبل امرأة أو مسها أو شم الريحان”. ويدل هذا الحديث على أن الصائم لا يفطر إذا شم الطيب، وهذا يدل على جواز استعمال العطور للصائم، بشرط ألا يصل شيء منها إلى جوفه.

الاحتياط:

ولكن من باب الاحتياط، ينبغي للصائم أن يبتعد عن استعمال العطور بأنواعها وأشكالها، سواء كان عطراً مأكولاً أو غير مأكول، ويشمل العطور التي توضع على الجسم أو الثياب، وذلك خشية أن يصل شيء منها إلى جوفه فيفطر.

الخاتمة:

وفي الختام، فإن العطر مادة لا يجوز للصائم استعمالها بأنواعها وأشكالها، وذلك لأنها تصل إلى الجوف من منفذ غير مفتوح، وهو الأنف، وهذا يبطل الصيام. ولكن بعض العلماء أجازوا للصائم استعمال العطور بأنواعها وأشكالها، بشرط ألا يصل شيء منها إلى جوفه، فإذا استعملها وحرص على ألا تصل إلى جوفه فلا حرج عليه في ذلك. والقول الراجح هو جواز استعمال العطور بأنواعها وأشكالها للصائم، بشرط ألا يصل شيء منها إلى جوفه، ولكن من باب الاحتياط، ينبغي للصائم أن يبتعد عن استعمال العطور بأنواعها وأشكالها، وذلك خشية أن يصل شيء منها إلى جوفه فيفطر.

أضف تعليق