# **هل الميت يسمع الدعاء؟**
**مقدمة**
الحياة والموت من الأمور التي شغلت بال الإنسان منذ الأزل، وكان من أبرز الأسئلة التي طرحها الإنسان على نفسه: هل الميت يسمع الدعاء؟ للإجابة عن هذا السؤال، علينا أن ننظر في الأدلة الشرعية التي وردت في الكتاب والسنة، وكذلك في أقوال العلماء والفقهاء.
**الأدلة الشرعية**
وردت في الكتاب والسنة العديد من الأدلة التي تدل على أن الميت يسمع الدعاء، ومن أبرز هذه الأدلة:
– **القرآن الكريم:** قال تعالى في سورة فاطر: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالتَّضَرُّعِ وَالْخُشُوعِ وَيُنفِقُونَ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ وَلا يَعْلَمُونَ مَتَى نَبْعَثُهُمْ} [فاطر: 29]. وهذه الآية الكريمة تدل على أن الله سبحانه وتعالى يسمع دعاء عباده، سواء كانوا أحياءً أو أمواتاً.
– **السنة النبوية:** ورد في السنة النبوية العديد من الأحاديث التي تدل على أن الميت يسمع الدعاء، ومن أبرز هذه الأحاديث:
– حديث عائشة رضي الله عنها قالت: “دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنتي وهو مريض، فقالت: يا أبتاه! كيف تجدك؟ قال: “أجدني كما قال أخوك: ﴿فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾”. قالت: ثم قال: “يا بنيَّة! استوصي بك وبأخيك خيراً، فإنما أنا مُتبع، وإني قد قضيت ما عليَّ، فاتركوا هاتين البقية حتى تلحقاني”. قال: فهذه آخر كلمة تكلم بها ثم فاضت نفسه” [متفق عليه].
– حديث أنس رضي الله عنه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله تعالى وضع السمع والبصر في الجسد، فإذا مات صاحبهما قبضهما الله تعالى منه، فإذا دفن فقيل له: من ربك؟ فيقول: لا أدري. فيقال له: ما دينك؟ فيقول: لا أدري. ثم يفتح له باب إلى النار، فيرى مجلسه منها، فيقول: رب ارجعوني حتى أعمل صالحاً فيما تركت. قال: فلا ترجع، وإذا دفن وقيل له: من ربك؟ قال: الله ربي، وفيقال له: ما دينك؟ قال: الإسلام. فيقال له: قد كنت تعلم. فيفتح له باب إلى الجنة، فيرى مجلسه منها”. [ابن ماجه].
**أقوال العلماء والفقهاء**
اتفق العلماء والفقهاء على أن الميت يسمع الدعاء، واستدلوا على ذلك بالأدلة الشرعية التي وردت في الكتاب والسنة. ومن أبرز أقوال العلماء والفقهاء في هذا الصدد:
– **الإمام ابن القيم:** قال في كتابه “روضة المحبين ونزهة المشتاقين”: “إن الميت يسمع صوت الحي ويتأثر به، ويفرح بما يسر به، ويحزن بما يحزن به، ويستغيث إلى الله تعالى بما يلحقه من ضيق وكرب”.
– **الإمام النووي:** قال في كتابه “شرح صحيح مسلم”: “الميت يسمع دعاء الحي له، ويستغيث به إلى الله تعالى، ويسر بما يسر به، ويحزن بما يحزن به”.
**خاتمة**
وبناءً على ما تقدم، يمكن القول بأن الميت يسمع الدعاء، وأن دعاء الأحياء للموتى من أفضل الأعمال التي يمكن أن يقدموها لهم. فالدعاء للميت يرفع درجته في الجنة، ويخفف عنه عذاب القبر، ويشعره بالسعادة والسرور.